كلا إذا بلغت التراقي يعني بلوغ الروح عند موته إلى التراقي ، وهي أعلى الصدر ، واحدها ترقوة . وقيل من راق فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : قال أهله : من راق يرقيه بالرقى وأسماء الله الحسنى ، قاله . ابن عباس
الثاني : من طبيب شاف ، قاله ، قال الشاعر : أبو قلابة
[ ص: 158 ]
هل للفتى من بنات الدهر من واقي أم هل له من حمام الموت من راقي
الثالث : قال الملائكة : من راق يرقى بروحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ، رواه عن أبو الجوزاء . ابن عباس وظن أنه الفراق أي تيقن أنه مفارق الدنيا . والتفت الساق بالساق فيه أربعة أوجه :
أحدها : اتصال الدنيا بالآخرة ، قاله . ابن عباس
الثاني : الشدة بالشدة والبلاء بالبلاء ، وهو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع ، قاله عكرمة ، ومنه قول ومجاهد حذيفة بن أنس الهذلي
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا .
الثالث : التفت ساقاه عند الموت ، وحكى عن بعض المفسرين أن التفاف الساق بالساق عند الميثاق ، قال ابن قتيبة : ماتت رجلاه فلم تحملاه وقد كان عليهما جوالا . الحسن
الرابع : أنه اجتمع أمران شديدان عليه : الناس يجهزون جسده ، والملائكة يجهزون روحه ، قاله . ابن زيد إلى ربك يومئذ المساق فيه وجهان :
أحدهما : المنطلق ، قاله . خارجة
الثاني : المستقر ، قاله . مقاتل فلا صدق ولا صلى هذا في أبي جهل ، وفيه وجهان :
أحدهما : فلا صدق بكتاب الله ولا صلى لله ، قاله . قتادة
الثاني : فلا صدق بالرسالة ولا آمن بالمرسل ، وهو معنى قول . ويحتمل ثالثا : فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه . الكلبي ولكن كذب وتولى فيه وجهان :
أحدهما : كذب الرسول وتولى عن المرسل .
الثاني : كذب بالقرآن وتولى عن الطاعة . ثم ذهب إلى أهله يتمطى يعني أبا جهل ، وفيه ثلاثة أوجه :
[ ص: 159 ]
أحدها : يختال في نفسه ، قاله . ابن عباس
الثاني : يتبختر في مشيته ، قال وهي مشية زيد بن أسلم بني مخزوم .
الثالث : أن يلوي مطاه ، والمطا : الظهر ، وجاء النهي عن مشية المطيطاء وذلك أن الرجل يلقي يديه مع الكفين في مشيه . أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى حكى الكلبي : ومقاتل أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا جهل ببطحاء مكة وهو يتبختر في مشيته ، فدفع في صدره وهمزه بيده وقال : أولى لك فأولى فقال أبو جهل : إليك عني أوعدني يا ابن أبي كبشة ما تستطيع أنت ولا ربك الذي أرسلك شيئا ، فنزلت هذه الآية . وفيه وجهان :
أحدهما : وليك الشر ، قال ، وهذا وعيد على وعيد . قتادة
الثاني : ويل لك ، قالت الخنساء
هممت بنفسي بعض الهموم فأولى لنفسي أولى لها .
سأحمل نفسي على آلة فإما عليها وإما لها .
الآلة : الحالة ، والآلة : السرير أيضا الذي يحمل عليه الموتى . أيحسب الإنسان أن يترك سدى فيه أربعة أوجه :
أحدها : فهل لا يفترض عليه عمل ، قاله . ابن زيد
الثاني : يظن ألا يبعث ، قاله . السدي
الثالث : ملغى لا يؤمر ولا ينهى ، قاله . مجاهد
الرابع : عبث لا يحاسب ولا يعاقب ، قال الشاعر :
[ ص: 160 ]
فأقسم بالله جهد اليمين ما ترك الله شيئا سدى
ألم يك نطفة من مني يمنى فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن معنى يمنى يراق ، ولذلك سميت منى لإراقة الدماء فيها .
الثاني : بمعنى ينشأ ويخلق ، ومنه قول يزيد بن عامر
فاسلك طريقك تمشي غير مختشع حتى تلاقي ما يمني لك الماني .
الثالث : أنه بمعنى يشترك أي اشتراك ماء الرجل بماء المرأة . ثم كان علقة يعني أنه كان بعد النطفة علقة . فخلق فسوى يحتمل وجهين . أحدهما : خلق من الأرحام قبل الولادة وسوى بعدها عند استكمال القوة وتمام الحركة .
الثاني : خلق الأجسام وسواها للأفعال ، فجعل لكل جارحة عملا ، والله أعلم .