إن الأبرار يشربون في الأبرار قولان :
أحدهما : أنهم الصادقون ، قاله . الكلبي
الثاني : المطيعون ، قاله . مقاتل
[ ص: 165 ]
وفيما سموا أبرارا ثلاثة أقاويل : أحدها : سموا بذلك لأنهم بروا الآباء والأبناء ، قاله . ابن عمر
الثاني : لأنهم كفوا الأذى ، قاله . الحسن
الثالث : لأنهم يؤدون حق الله ويوفون بالنذر ، قاله . وقوله قتادة من كأس يعني الخمر ، قال : كل كأس في القرآن فإنما عنى به الخمر . وفي قوله الضحاك كان مزاجها كافورا قولان :
أحدهما : أن ، قاله كافورا عين في الجنة اسمها كافور . الكلبي
الثاني : أنه الكافور من الطيب فعلى هذا في المقصود منه في مزاج الكأس به ثلاثة أقاويل : أحدها : برده ، قال : ببرد الكافور وطعم الزنجبيل . الحسن
الثاني : بريحه ، قاله : مزج بالكافور وختم بالمسك . قتادة
الثالث : طعمه ، قال : كأن طعمه طعم الكافور . السدي عينا يشرب بها عباد الله يعني أولياء الله ، لأن الكافر لا يشرب منها شيئا وإن كان من عباد الله ، وفيه وجهان :
أحدهما : ينتفع بها عباد الله ، قاله . الفراء
الثاني : يشربها عباد الله . قال : هي التسنيم ، وهي أشرف شراب الجنة ، يشرب بها المقربون صرفا ، وتمزج لسائر أهل الجنة بالخمر واللبن والعسل . مقاتل يفجرونها تفجيرا فيه وجهان :
أحدهما : يقودونها إلى حيث شاءوا من الجنة ، قاله . مجاهد
الثاني : يمزجونها بما شاءوا ، قاله . ويحتمل وجها ثالثا : أن يستخرجوه من حيث شاءوا من الجنة . وفي قوله مقاتل تفجيرا وجهان :
[ ص: 166 ]
أحدهما : أنه مصدر قصد به التكثير .
الثاني : أنهم يفجرونه من تلك العيون عيونا لتكون أمتع وأوسع . يوفون بالنذر فيه أربعة أوجه :
أحدها : يوفون بما افترض الله عليهم من عبادته ، قاله . قتادة
الثاني : يوفون بما عقدوه على أنفسهم من حق الله ، قاله . مجاهد
الثالث : ، قاله يوفون بالعهد لمن عاهدوه . الكلبي
الرابع : يوفون بالأيمان إذا حلفوا بها ، قاله . ويحتمل خامسا : أنهم يوفون بما أنذروا به من وعيده . مقاتل ويخافون يوما كان شره مستطيرا قال عذاب يوم كان شره مستطيرا ، وفيه وجهان : الكلبي
أحدهما : فاشيا ، قاله ابن عباس . والأخفش
الثاني : ممتدا ، قاله ، ومنه قول الفراء الأعشى
فبانت وقد أورثت في الفؤاد صدعا على نأيها مستطيرا
اي ممتدا . ويحتمل وجها ثالثا يعني سريعا . ويطعمون الطعام على حبه فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : على حب الطعام ، قاله . مقاتل
الثاني : على شهوته ، قاله . الكلبي
الثالث : على قلته ، قاله قطرب . مسكينا ويتيما وأسيرا في الأسير ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه المسجون المسلم ، قاله . مجاهد
الثاني : أنه العبد ، قاله . عكرمة
الثالث : أسير المشركين ، قاله الحسن . قال وسعيد بن جبير : ثم نسخ أسير المشركين بالسيف ، وقال غيره بل هو ثابت سعيد بن جبير . الحكم في الأسير بإطعامه ، إلا أن يرى الإمام قتله
[ ص: 167 ]
ويحتمل وجها رابعا : أن يريد بالأسير الناقص العقل ، لأنه في أسر خبله وجنونه ، وإن أسر المشركين انتقام يقف على رأي الإمام وهذا بر وإحسان . إنما نطعمكم لوجه الله قال : إنهم لم يقولوا ذلك ، لكن علمه الله منهم فأثنى عليهم ليرغب في ذلك راغب . مجاهد لا نريد منكم جزاء ولا شكورا جزاء بالفعال ، وشكورا بالمقال وقيل إن بدر ، وهم سبعة من هذه الآية نزلت فيمن تكفل بأسرى المهاجرين أبو بكر وعمر وعلي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعيد . وأبو عبيدة إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن العبوس الذي يعبس الوجوه من شره ، والقمطرير الشديد ، قاله . ابن زيد
الثاني : أن العبوس الضيق ، والقمطرير الطويل ، قاله ، قال الشاعر ابن عباس
شديدا عبوسا قمطريرا تخاله تزول الضحى فيه قرون المناكب .
الثالث : أن العبوس بالشفتين ، والقمطرير بالجبهة والحاجبين ، فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم ، قاله ، وأنشد مجاهد ابن الأعرابي
يغدو على الصيد يعود منكسر ويقمطر ساعة ويكفهر .
فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا قال النضرة من الوجوه ، والسرور في القلوب . وفي النضرة ثلاثة أوجه : الحسن
أحدها : أنها البياض والنقاء ، قاله . الضحاك
الثاني : أنها الحسن والبهاء ، قاله . ابن جبير
[ ص: 168 ]
الثالث : أنها أثر النعمة ، قاله . ابن زيد وجزاهم بما صبروا يحتمل وجهين :
أحدهما : بما صبروا على طاعة الله .
الثاني : بما صبروا على الوفاء بالنذر . جنة وحريرا فيه وجهان :
أحدهما : جنة يسكنونها ، وحريرا يلبسونه .
الثاني : أن الجنة المأوى ، والحرير أبد العيش في الجنة ، ومنه لبس الحرير ليلبسون من لذة العيش . واختلف فيمن نزلت هذه الآية على قولين :
أحدهما : ما حكاه عن الضحاك أنها نزلت في جابر مطعم بن ورقاء الأنصاري نذر نذرا فوفاه .
الثاني : ما حكاه عمرو عن أنها نزلت في الحسن علي رضي الله عنهما - وذلك أن وفاطمة عليا نذرا صوما فقضياه ، وخبزت وفاطمة ثلاثة أقراص من شعير ليفطر فاطمة على أحدها وتفطر هي على الآخر ، ويأكل علي الحسن الثالث ، فسألها مسكين فتصدقت عليه بأحدها ، ثم سألها يتيم فتصدقت عليه بالآخر ، ثم سألها أسير فتصدقت عليه بالثالث ، وباتوا طاوين . والحسين