فإذا جاءت الطامة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى وبرزت الجحيم لمن يرى فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها
فإذا جاءت الطامة الكبرى فيه أربعة أقاويل : أحدها : أنها النفخة الآخرة ، قاله . الحسن
الثاني : أنها الساعة طمت كل داهية ، والساعة أدهى وأمر ، قاله . الربيع
الثالث : أنه اسم من أسماء القيامة يسمى الطامة ، قاله . ابن عباس
الرابع : أنها الطامة الكبرى إذا سيق أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، قاله القاسم بن الوليد ، وهو معنى قول . وفي معنى مجاهد الطامة في اللغة ثلاثة وجوه : أحدها : الغاشية .
الثاني : الغامرة .
الثالث : الهائلة ، ذكره ، لأنها تطم على كل شيء أي تغطيه . ابن عيسى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فيه وجهان :
أحدهما : هو خوفه في الدنيا من الله عند مواقعة الذنب فيقلع ، قاله . مجاهد
الثاني : هو خوفه في الآخرة من وقوفه بين يدي الله للحساب ، قاله ، ويكون معنى : خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، قال الربيع بن أنس : وزجر النفس عن المعاصي والمحارم . الكلبي فإن الجنة هي المأوى أي المنزل ، وذكر أنها نزلت في . مصعب بن عمير يسألونك عن الساعة أيان مرساها قال : متى زمانها ، قاله ابن عباس الربيع فيم أنت من ذكراها فيه وجهان :
أحدهما : فيم يسألك المشركون يا محمد عنها ولست ممن يعلمها ، وهو معنى قول . ابن عباس
الثاني : فيم تسأل يا محمد عنها وليس لك السؤال ، وهذا معنى قول . عروة بن الزبير
[ ص: 201 ]
إلى ربك منتهاها يعني منتهى علم الساعة : فكف النبي صلى الله عليه وسلم عن السؤال وقال : يا أهل مكة إن الله احتجب بخمس لم يطلع عليهن ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا فمن ادعى علمهن فقد كفر : إن الله عنده علم الساعة إلى آخر السورة . إنما أنت يعني محمدا صلى الله عليه وسلم . منذر من يخشاها يعني القيامة . كأنهم يوم يرونها يعني الكفار يوم يرون الآخرة . لم يلبثوا في الدنيا . إلا عشية وهي ما بعد الزوال . أو ضحاها وهو ما قبل الزوال ، لأن الدنيا تصاغرت عندهم وقلت في أعينهم ، كما قال تعالى : ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار