قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار
قوله عز وجل: قل للذين كفروا ستغلبون الآية. في سبب نزول هذه الآية ثلاثة أقوال: أحدها: أنها نزلت في قريش قبل بدر بسنة ، فحقق الله قوله ، وصدق رسوله ، وأنجز وعده بمن قتل منهم يوم بدر ، قاله ، ابن عباس والثاني: أنها نزلت في والضحاك. بني قينقاع لما هلكت قريش يوم بدر ، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، وحذرهم مثل ما نزل بقريش ، فأبوا وقالوا: لسنا كقريش الأغمار الذين لا يعرفون الناس ، فأنزل الله فيهم هذه الآية ، قاله ، قتادة والثالث: أنها نزلت في عامة الكفار. وفي الغلبة هنا قولان: أحدهما: بالقهر والاستيلاء ، إن قيل: إنها خاصة. [ ص: 374 ] وابن إسحاق.
والثاني: بظهور الحجة ، إن قيل: إنها عامة. وفي وبئس المهاد قولان: أحدهما: بئس ما مهدوا لأنفسهم ، قاله . والثاني: معناه بئس القرار ، قاله مجاهد . وفي (بئس) وجهان: أحدهما: أنه مأخوذ من البأس ، وهو الشدة. والثاني: أنه مأخوذ من البأساء وهو الشر. قوله عز وجل: الحسن قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله يعني المؤمنين من أهل بدر. وأخرى كافرة يعني مشركي قريش. يرونهم مثليهم رأي العين وفي مثليهم قولان: أحدهما: أنهم مثلان زائدان على العدد المتحقق ، فيصير العدد ثلاثة أمثال ، قاله .والثاني: هو المزيد في الرؤية ، قاله الفراء . اختلفوا في المخاطب بهذه الرؤية على قولين: أحدهما: أنها الفئة المؤمنة التي تقاتل في سبيل الله ، بأن أراهم الله مشركي الزجاج قريش يوم بدر مثلي عدد أنفسهم ، لأن عدة المسلمين كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، وعدة المشركين في رواية علي ألف ، وفي رواية وابن مسعود ، عروة ، وقتادة ما بين تسعمائة إلى ألف ، فقللهم الله في أعينهم تقوية لنفوسهم ، قاله والربيع ، ابن مسعود والثاني: أن الفئة التي أراها الله ذلك هي الفئة الكافرة ، أراهم الله المسلمين مثلي عددهم مكثرا لهم ، لتضعف به قلوبهم. والآية في الفئتين هي تقليل الكثير في أعين المسلمين ، وتكثير القليل في أعين المشركين ، وما تقدم من الوعد بالغلبة ، فتحقق ، قتلا ، وأسرا ، وسبيا. [ ص: 375 ] والحسن.
والله يؤيد بنصره من يشاء يعني من أهل طاعته. وفي التأييد وجهان: أحدهما: أنه المعونة. والثاني: القوة. إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار فيه وجهان: أحدهما: أن في نصرة الله لرسوله يوم بدر مع قلة أصحابه عبرة لذوي البصائر والعقول. والثاني: أن فيما أبصره المشركون من كثرة المسلمين مع قلتهم عبرة لذوي الأعين والبصائر.