هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار
قوله تعالى: هنالك دعا زكريا ربه اختلف في على قولين: أحدهما: أن الله تعالى أذن له في المسألة لأن سؤال ما خالف العادة يمنع منه إلا عن إذن لتكون الإجابة إعجازا. والثاني: أنه لما رأى فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف طمع في رزق الولد من عاقر. سبب دعائه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة يعني هب لي من عندك ولدا مباركا ، وقصد بالذرية الواحد. إنك سميع الدعاء أي تجيب الدعاء ، لأن إجابة الدعاء بعد سماعه. قوله تعالى: فنادته الملائكة قرأ ، حمزة فناداه الملائكة، وفي مناداته قولان: أحدهما: أنه والكسائي: جبريل وحده ، وهو قول والثاني: جماعة من الملائكة. السدي. وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى قيل: إنما سماه [ ص: 390 ]
يحيى لأن الله تعالى أحياه بالإيمان ، وسماه بهذا الاسم قبل مولده. مصدقا بكلمة من الله فيه قولان: أحدهما: بكتاب من الله ، وهذا قول وأهل أبي عبيدة البصرة. والثاني: يعني المسيح ، وهذا قول ، ابن عباس ، وقتادة ، والربيع ، والضحاك . واختلفوا في والسدي على قولين: أحدهما: أنه خلقه بكلمته من غير أب. والثاني: أنه سمي بذلك لأن الناس يهتدون به في دينهم كما يهتدون بكلام الله عز وجل. تسميته كلمة من الله وسيدا فيه خمسة أقاويل: أحدها: أنه الخليفة ، وهو قول والثاني: أنه التقي ، وهو قول قتادة. والثالث: أنه الشريف ، وهو قول سالم. والرابع: أنه الفقيه العالم ، وهو قول ابن زيد. والخامس: سيد المؤمنين ، يعني بالرياسة عليهم ، وهذا قول بعض المتكلمين. سعيد بن المسيب. وحصورا فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه كان عنينا لا ماء له ، وهذا قول ، ابن مسعود ، وابن عباس والثاني: أنه كان لا يأتي النساء ، وهو قول والضحاك. ، قتادة [ ص: 391 ] والحسن.
والثالث: أنه لم يكن له ما يأتي به النساء ، لأنه كان معه مثل الهدبة ، وهو قول قوله عز وجل: سعيد بن المسيب. قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وإنما جاز له أن يقول: (وقد بلغني الكبر) لأنه بمنزلة الطالب له. وامرأتي عاقر أي لا تلد. فإن قيل: فلم راجع بهذا القول بعد أن بشر بالولد ، ففيه جوابان: أحدهما: أنه راجع ليعلم على أي حال يكون منه الولد ، بأن يرد هو وامرأته إلى حال الشباب ، أم على حال الكبر ، فقيل له: كذلك الله يفعل ما يشاء ، أي على هذه الحال ، وهذا قول . والثاني: أنه قال ذلك استعظاما لمقدور الله وتعجبا. قوله عز وجل: الحسن قال رب اجعل لي آية أي علامة لوقت الحمل ليتعجل السرور به. قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: تحريك الشفتين وهو قول والثاني: الإشارة ، وهو قول مجاهد. والثالث: الإيماء ، وهو قول قتادة. . الحسن واذكر ربك كثيرا لم يمنع من ذكر الله تعالى ، وذلك هي الآية. وسبح بالعشي والإبكار والعشي: من حين زوال الشمس إلى أن تغيب ، وأصل العشي الظلمة ، ولذلك كان العشى ضعف البصر ، فسمي ما بعد الزوال عشاء لاتصاله بالظلمة. وأما الإبكار فمن حين طلوع الفجر إلى وقت الضحى ، وأصله التعجيل ، لأنه تعجيل الضياء.