أسماء القرآن
سمى الله القرآن في كتابه بأربعة أسماء:
أحدها: القرآن، قال الله عز وجل: نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن
والثاني: الفرقان قال الله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده
والثالث: الكتاب قال الله تعالى: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب
والرابع: الذكر قال الله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر
فأما تسميته بالقرآن ففيه تأويلان:
أحدهما: وهو قول مصدر من قولك قرأت أي بينت، استشهادا بقوله تعالى: عبد الله بن عباس، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه يعني إذا بيناه فاعمل به.
[ ص: 24 ]
والتأويل الثاني: وهو قول أنه مصدر من قولك: قرأت الشيء، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض، لأنه آي مجموعة، مأخوذ من قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلى قط، أي لم ينضم رحمها على ولد، كما قال قتادة، عمرو بن كلثوم:
تريك إذا دخلت على خلاء وقد أمنت عيون الكاشحينا ذراعي عيطل أدماء بكر
هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تضم رحما على ولد، ولذلك سمي قرء العدة قرءا لاجتماع دم الحيض في الرحم.
فأما تسميته بالفرقان، فلأن الله عز وجل فرق فيه بين الحق والباطل، وهو قول الجماعة، لأن أصل الفرقان هو الفرق بين شيئين.
وأما تسميته بالكتاب، فلأنه مصدر من قولك: كتبت كتابا، والكتاب هو خط الكاتب حروف المعجم مجموعة ومتفرقة، وسمي كتابا وإن كان مكتوبا، كما قال الشاعر
تؤمل رجعة مني وفيها كتاب مثل ما لصق الغراء
لا تأمنن فزاريا خلوت به على قلوصك واكتبها بأسياد
وأما تسميته بالذكر، ففيه تأويلان:
أحدهما: أنه ذكر من الله تعالى ذكر به عباده، وعرفهم فيه فرائضه وحدوده.
والثاني: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به، وصدق بما جاء فيه، كما قال تعالى: وإنه لذكر لك ولقومك يعني أنه شرف له ولقومه.
[ ص: 25 ] أما التوارة، فإن الفراء يجعلها مشتقة من قولهم: وري الزند إذا خرج ناره، يريد أنها ضياء.
وأما الزبور، فإنه مشتق من قولهم: زبر الكتاب يزبره إذا كتبه، ومنه قول الشاعر:
عرفت الديار كرقم الكتا ب يزبره الكاتب الحميري
وأما الإنجيل، فهو مأخوذ من نجلت الشيء، إذا أخرجته، ومنه قيل لنسل الرجل: نجله، كأنه هو استخرجهم، قال الشاعر:
أنجب أيام والديه معا إذ نجلاه فنعم ما نجلا