ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم
قوله تعالى: يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: وأنتم تشهدون بما يدل على صحتها من كتابكم الذي فيه البشارة بها ، وهذا قول ، قتادة ، والربيع . والثاني: وأنتم تشهدون بمثلها من آيات الأنبياء التي تقرون بها. والثالث: وأنتم تشهدون بما عليكم فيه الحجة. قوله تعالى: والسدي يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل فيه تأويلان: [ ص: 401 ]
أحدهما: تحريف التوراة والإنجيل ، وهذا قول ، الحسن . والثاني: الدعاء إلى إظهار الإسلام في أول النهار والرجوع عنه في آخره قصدا لتشكيك الناس فيه ، وهذا قول وابن زيد ، ابن عباس . والثالث: الإيمان وقتادة بموسى وعيسى والكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم. وتكتمون الحق يعني ما وجدوه عندهم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، والبشارة به في كتبهم عنادا من علمائهم. وأنتم تعلمون يعني الحق بما عرفتموه من كتبكم. قوله تعالى: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم فيه قولان: أحدهما: معناه لا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم. والثاني: لا تعترفوا بالحق إلا لمن تبع دينكم. واختلف في تأويل ذلك على قولين: أحدهما: أنهم كافة اليهود ، قال ذلك بعضهم لبعض ، وهذا قول ، السدي . والثاني: أنهم يهود وابن زيد خيبر قالوا ذلك ليهود المدينة ، وهذا قول . واختلف في سبب نهيهم أن يؤمنوا إلا لمن تبع دينهم على قولين: أحدهما: أنهم نهوا عن ذلك لئلا يكون طريقا لعبدة الأوثان إلى تصديقه ، وهذا قول الحسن والثاني: أنهم نهوا عن ذلك لئلا يعترفوا به فيلزمهم العمل بدينه لإقرارهم بصحته. الزجاج. قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم فيه قولان: أحدهما: أن في الكلام حذفا ، وتقديره: قل إن الهدى هدى الله ألا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أيها المسلمون ، ثم حذف (لا) من الكلام لدليل الخطاب [ ص: 402 ]
عليها مثل قوله تعالى: يبين الله لكم أن تضلوا [النساء: 176] أي لا تضلوا ، وهذا معنى قول ، السدي . والثاني: أن معنى الكلام: قل إن الهدى هدى الله فلا تجحدوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم. وابن جريج أو يحاجوكم عند ربكم فيه قولان: أحدهما: يعني ولا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم لأنه لا حجة لهم ، وهذا قول ، الحسن . والثاني: إن معناه حتى يحاجوكم عند ربكم ، على طريق التبعيد ، كما يقال: لا تلقاه أو تقوم الساعة ، وهذا قول وقتادة ، الكسائي قوله تعالى: والفراء. يختص برحمته من يشاء فيه قولان: أحدهما: أنها النبوة ، وهو قول ، الحسن ، ومجاهد والثاني: القرآن والإسلام ، وهذا قول والربيع. واختلفوا في النبوة هل تكون جزاء على عمل؟ على قولين: أحدهما: أنها جزاء عن استحقاق. والثاني: أنها تفضل لأنه قال: ابن جريج. يختص برحمته من يشاء