ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم
قوله تعالى: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات في الطول ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الغنى والسعة الموصل إلى نكاح الحرة ، وهذا قول ، ابن عباس ، وقتادة ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والسدي ، وابن زيد ، والشافعي والقول الثاني: هو أن تكون تحته حرة ، وهو قول ومالك. أبي حنيفة.
والقول الثالث: هو الهوى وهو أن يهوى أمة فيجوز أن يتزوجها ، إن كان ذا يسار وكان تحته حرة ، وهذا قول ، جابر ، وابن مسعود ، والشعبي ، وربيعة وأصل الطول الفضل والسعة ، لأن المعنى كالطول في أنه ينال به معالي الأمور ، ومنه قولهم: ليس فيه طائل أي لا ينال به شيء من الفوائد ، فكان هو الأصح من تأويلاته. واختلف في وعطاء. على قولين: أحدهما: أنه شرط لا يجوز نكاح الأمة إلا به ، وهو قول إيمان الأمة هل هو شرط في نكاحها عند عدم الطول؟ . والثاني: أنه ندب وليس بشرط ، فإن تزوج غير المؤمنة جاز ، وهو قول الشافعي [ ص: 473 ] أبي حنيفة.
قوله تعالى: محصنات غير مسافحات يعني بالمسافحة: المعلنة بالزنى. ولا متخذات أخدان هو أن تتخذ المرأة خدنا وصديقا ولا تزني بغيره ، وقد كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنى ، ويستحلون ما بطن ، فأنزل الله تعالى: ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن فإذا أحصن قرأ بفتح الألف ، حمزة ، والكسائي عن وأبو بكر ، ومعنى ذلك أسلمن ، فيكون إحصانها ههنا إسلامها ، وهذا قول عاصم ، ابن مسعود ، وروى والشعبي قال: جلد الزهري ولائد أبكارا من ولائد الإمارة في الزنى. وقرأ الباقون بضم الألف ، ومعنى ذلك تزوجن ، فيكون إحصانها ههنا تزويجها ، وهذا قول عمر ، ابن عباس ، ومجاهد والحسن. فإن أتين بفاحشة يعني بها ههنا الزنى. فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب يعني نصف حد الحرة. ذلك لمن خشي العنت منكم فيه أربعة تأويلات: أحدها: الزنى ، وهو قول ، ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وبه قال وابن زيد والثاني: أن العنت الإثم.والثالث: أنه الحد الذي يصيبه. والرابع: هو الضرر الشديد في دين أو دنيا. وهو نحو قوله تعالى: الشافعي. ودوا ما عنتم [آل عمران: 118 .] وأن تصبروا خير لكم يعني الصبر عن نكاح الأمة لئلا يكون ولده عبدا.