يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه الزنى ، والقمار ، والبخس ، والظلم ، وهو قول والثاني: العقود الفاسدة ، وهو قول السدي. . والثالث: أنه نهى أن يأكل الرجل طعام قرى وأمر أن يأكله شرى ثم نسخ ذلك بقوله تعالى في سورة النور: ابن عباس ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم [النور: 61] إلى قوله: أو أشتاتا وهو قول ، الحسن . [ ص: 475 ] وعكرمة
إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم فيه قولان: أحدهما: أن التراضي هو أن يكون العقد ناجزا بغير خيار ، وهو قول ، مالك والثاني: هو أن يخير أحدهما صاحبه بعد العقد وقبل الافتراق ، وهو قول وأبي حنيفة. ، شريح ، وابن سيرين وقد روى والشعبي. القاسم بن سليمان الحنفي عن أبيه عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ميمون بن مهران (البيع عن تراض والخيار بعد الصفقة ولا يحل لمسلم أن يغش مسلما) . ولا تقتلوا أنفسكم فيه قولان: أحدهما: يعني لا يقتل بعضكم بعضا ، وهذا قول ، عطاء ، وإنما كان كذلك لأنهم أهل دين واحد فصاروا كنفس واحدة ، ومنه قوله تعالى: والسدي فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم [النور: 61] . والثاني: نهى أن يقتل الرجل نفسه في حال الغضب والضجر. قوله تعالى: ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا فيما توجه إليه هذا الوعيد بقوله تعالى: ومن يفعل ذلك ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه ، وقتل النفس بغير حق. والثاني: أنه متوجه إلى كل ما نهى عنه من أول سورة النساء. والثالث: أنه متوجه إلى قوله تعالى: أكل المال بالباطل لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها [النساء: 19 ]. عدوانا وظلما فيه قولان: أحدهما: يعني تعديا واستحلالا. والثاني: أنهما لفظتان متقاربتا المعنى فحسن الجمع بينهما مع اختلاف اللفظ تأكيدا. [ ص: 476 ]
إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم في الكبائر سبعة أقاويل: أحدها: أنها كل ما نهى الله عنه من أول سورة النساء إلى رأس الثلاثين منها ، وهذا قول في رواية ابن مسعود ، مسروق ، وعلقمة وإبراهيم. والثاني: أن الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والفرار من الزحف ، والتعرب بعد الهجرة ، وهذا قول الكبائر سبع: ، علي والثالث: أنها تسع: الإشراك بالله ، وقذف المحصنة ، وقتل النفس المؤمنة ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين المسلمين ، وأكل الربا ، وإلحاد بالبيت الحرام ، وهذا قول وعمرو بن عبيد. والرابع: أنها أربع: الإشراك بالله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من روح الله ، والأمن من مكر الله ، وهذا قول ابن عمر. في رواية ابن مسعود عنه. والخامس: أنها كل ما أوعد الله عليه النار ، وهذا قول أبي الطفيل ، سعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد والسادس: السبعة المذكورة في المقالة الثانية وزادوا عليها الزنى ، والعقوق ، والسرقة ، وسب والضحاك. أبي بكر والسابع: أنها كل ما لا تصح معه الأعمال ، وهذا قول وعمر. زيد بن أسلم. نكفر عنكم سيئاتكم يعني من الصغائر إذا اجتنبتم الكبائر ، فأما مع ارتكاب الكبائر ، فإنه يعاقب على الكبائر والصغائر.