يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم يعني أطيعوا الله في أوامره ونواهيه ، وأطيعوا الرسول. روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله ، ومن عصا أميري فقد عصاني) . وفي طاعة الرسول قولان: أحدهما: اتباع سنته ، وهو قول عطاء. والثاني: وأطيعوا الرسول إن كان حيا ، وهو قول ابن زيد. وفي أولي الأمر أربعة أقاويل: أحدها: هم الأمراء ، وهو قول ابن عباس ، وأبي هريرة ، والسدي ، وابن زيد . وقد روى هشام عن عروة عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره ، ويليكم الفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، وصلوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلكم ولهم ، وإن أساءوا فلكم وعليهم) . [ ص: 500 ]
واختلف قائلو هذا القول في سبب نزولها في الأمراء ، فقال ابن عباس : نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية. وقال السدي: نزلت في عمار بن ياسر ، وخالد بن الوليد حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية. والقول الثاني: هم العلماء والفقهاء ، وهو قول جابر بن عبد الله ، والحسن ، وعطاء ، وأبي العالية. والثالث: هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قول مجاهد. والرابع: هم أبو بكر وعمر ، وهو قول عكرمة. وطاعة ولاة الأمر تلزم في طاعة الله دون معصيته ، وهي طاعة يجوز أن تزول ، لجواز معصيتهم ، ولا يجوز أن تزول طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لامتناع معصيته. وقد روى نافع عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على المرء المسلم الطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية فلا طاعة) . قوله تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول قال مجاهد ، وقتادة: يعني إلى كتاب الله وسنة رسوله. إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أحمد عاقبة ، وهذا قول قتادة ، والسدي ، وابن زيد . [ ص: 501 ]
والثاني: أظهر حقا وأبين صوابا ، وهو معنى قول مجاهد. والثالث: أحسن من تأويلكم الذي لا يرجع إلى أصل ولا يفضي إلى حق ، وهذا قول الزجاج.


