ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا [ ص: 507 ] هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا
قوله تعالى: ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية فيمن نزلت هذه الآية فيه أربعة أقاويل: أحدها: أنها نزلت في ناس من الصحابة استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في قتال المشركين فلم يأذن لهم ، فلما كتب عليهم القتال وهم بالمدينة قال فريق منهم ما ذكره الله عنهم ، وهذا قول ، ابن عباس ، وعكرمة ، وقتادة . والثاني: أنها نزلت في المنافقين ، وهو قول بعض البصريين. والسدي
والثالث: أنها نزلت في اليهود. والرابع: أنها من صفة المؤمن لما طبع عليه البشر من المخافة ، وهذا قول . الحسن أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة في البروج ههنا ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها القصور ، وهو قول ، مجاهد . والثاني: أنها قصور في السماء بأعيانها تسمى بهذا الاسم ، وهو قول وابن جريج ، السدي والثالث: أنها البيوت التي في الحصون وهو قول بعض البصريين. والربيع.
وأصل البروج الظهور ، ومنه تبرج المرأة إذا أظهرت نفسها. وفي المشيدة ثلاثة أقاويل: أحدها: المجصصة ، والشيد الجص ، وهذا قول بعض البصريين. [ ص: 508 ] والثاني: أن المشيد المطول في الارتفاع ، يقال: شاد الرجل بناءه وأشاده إذا رفعه ، ومنه أشدت بذكر الرجل إذا رفعت منه ، وهذا قول الزجاج. والثالث: أن المشيد ، بالتشديد: المطول ، وبالتخفيف: المجصص. قوله تعالى: وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك في القائلين ذلك قولان: أحدهما: أنهم المنافقون ، وهو قول . والثاني: اليهود ، وهو قول الحسن وفي الحسنة والسيئة ههنا ثلاثة تأويلات: أحدها: البؤس والرخاء. والثاني: الخصب والجدب ، وهو قول الزجاج. ، ابن عباس . والثالث: النصر والهزيمة ، وهو قول وقتادة ، الحسن . وفي قوله: وابن زيد من عندك تأويلان: أحدهما: أي بسوء تدبيرك ، وهو قول والثاني: يعنون بالشؤم الذي لحقنا منك على جهة التطير به ، وهذا قول ابن زيد. ، ومثله قوله تعالى: الزجاج وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه [الأعراف: 131] . قوله تعالى: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك اختلف في المراد بهذا الخطاب على ثلاثة أقاويل. أحدها: أن الخطاب متوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو المراد به. والثاني: أنه متوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره ، وهو قول والثالث: أنه متوجه إلى الإنسان ، وتقديره: ما أصابك أيها الإنسان من حسنة فمن الله ، وهذا قول الزجاج. وفي الحسنة والسيئة ههنا ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الحسنة النعمة في الدين والدنيا ، والسيئة المصيبة في الدين والدنيا ، وهذا قول بعض البصريين. [ ص: 509 ] والثاني: أن الحسنة ما أصابه يوم قتادة. بدر ، والسيئة ما أصابه يوم أحد من شج رأسه وكسر رباعيته ، وهو قول ، ابن عباس والثالث: أن الحسنة الطاعة ، والسيئة المعصية ، وهذا قول والحسن. قوله تعالى: أبي العالية. فمن نفسك قولان: أحدهما: يعني فبذنبك. والثاني: فبفعلك.