قوله تعالى: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها في الشفاعة الحسنة والشفاعة السيئة قولان: أحدهما: أنه مسألة الإنسان في صاحبه أن يناله خير بمسألته أو شر بمسألته ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد ، وابن زيد . والثاني: أن الشفاعة الحسنة الدعاء للمؤمنين ، والشفاعة السيئة الدعاء عليهم ، لأن اليهود كانت تفعل ذلك فتوعدهم الله عليه. وفي الكفل تأويلان: أحدها: أنه الوزر والإثم ، وهو قول الحسن ، وقتادة . والثاني: أنه النصيب ، كما قال تعالى: يؤتكم كفلين من رحمته [الحديد: 28] وهو قول السدي ، والربيع ، وابن زيد . وكان الله على كل شيء مقيتا فيه خمسة تأويلات: أحدها: يعني مقتدرا ، وهو قول السدي ، وابن زيد . والثاني: حفيظا ، وهو قول ابن عباس ، والزجاج. [ ص: 513 ]
والثالث: شهيدا ، وهو قول مجاهد. والرابع: حسيبا ، وهو قول ابن الحجاج ، ويحكى عن مجاهد أيضا. والخامس: مجازيا ، وأصل المقيت القوت ، فسمي به المقتدر لأنه قادر على إعطاء القوت ، ثم صار اسما في كل مقتدر على كل شيء من قوت وغيره ، كما قال الزبير بن عبد المطلب:
وذي ضغن كففت النفس عنه وكنت على مساءته مقيتا
قوله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها في المراد بالتحية ههنا قولان: أحدهما: أنه الدعاء بطول الحياة. والثاني: السلام تطوع مستحب ، ورده فرض ، وفيه قولان: أحدهما: أن فرض رده عام في المسلم والكافر ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد . والثاني: أنه خاص في المسلمين دون الكافر ، وهذا قول عطاء. وقوله تعالى: بأحسن منها يعني الزيادة في الدعاء. أو ردوها يعني بمثلها ، وروى الحسن أن رجلا سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وعليكم السلام ورحمة الله) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) ثم جاء آخر فقال: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليكم (فقيل: يا رسول الله، رددت على الأول والثاني وقلت للثالث: وعليكم ، فقال: إن الأول سلم وأبقى من التحية شيئا ، فرددت عليه بأحسن مما جاء به ، كذلك الثاني ، وإن الثالث جاء بالتحية كلها ، فرددت عليه مثل ذلك). [ ص: 514 ]
وقد قال ابن عباس : ترد بأحسن منها على أهل الإسلام ، أو مثلها على أهل الكفر ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تبدءوا اليهود بالسلام فإن بدءوكم فقولوا: عليكم (. إن الله كان على كل شيء حسيبا فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني حفيظا ، وهو قول مجاهد. والثاني: محاسبا على العمل للجزاء عليه ، وهو قول بعض المتكلمين. والثالث: كافيا ، وهو قول البلخي. قوله تعالى: الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة وفي تسمية القيامة قولان: أحدهما: لأن الناس يقومون فيه من قبورهم. والثاني: لأنهم يقومون فيه للحساب.


