وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون
قوله عز وجل: وكذب به قومك وهو الحق وفيما كذبوا به قولان: أحدهما: أنه القرآن ، قاله ، الحسن . والثاني: تصريف الآيات ، قاله بعض المتأخرين. والسدي وهو الحق يعني ما كذبوا به ، والفرق بين الحق والصواب أن الحق قد يدرك بغير طلب ، والصواب لا يدرك إلا بطلب. قل لست عليكم بوكيل فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه لست عليكم بحفيظ لأعمالكم لأجازيكم عليها ، وإنما أنا منذر ، قاله . والثاني: لست عليكم بحفيظ أمنعكم من أن تكفروا ، كما يمنع الوكيل على الشيء من إلحاق الضرر به ، قاله بعض المتأخرين. والثالث: معناه لست آخذكم بالإيمان اضطرارا وإجبارا ، كما يأخذ الوكيل بالشيء ، قاله الحسن . [ ص: 129 ] الزجاج لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون فيه ثلاثة أقاويل: أحدهما: معناه أن لكل خبر أخبر الله تعالى به من وعد أو وعيد مستقرا في مستقبل الوقت أو ماضيه أو حاضره في الدنيا وفي الآخرة ، وهذا معنى قول ، ابن عباس . والثاني: أنه وعيد من الله للكافرين في الآخرة لأنهم لا يقرون بالبعث ، قاله ومجاهد . والثالث: أنه وعيد لهم بما ينزل بهم في الدنيا ، قاله الحسن . قوله عز وجل: الزجاج وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: وما على الذين يتقون الله في أوامره ونواهيه من حساب الكفار فيما فعلوه من الاستهزاء والتكذيب مآثم يؤاخذون بها ، ولكن عليهم أن يذكروهم بالله وآياته لعلهم يتقون ما هم عليه من الاستهزاء والتكذيب ، قاله . والثاني: وما على الذين يتقون الله من الحساب يوم القيامة ما على الكفار في الحساب من التشديد والتغليظ لأن محاسبة المتقين ذكرى وتخفيف ، ومحاسبة الكفار تشديد وتغليظ لعلهم يتقون إذا علموا ذلك. والثالث: وما على الذين يتقون الله فيما فعلوه من رد وصد حساب ، ولكن اعدلوا إلى الذكرى لهم بالقول قبل الفعل ، لعلهم يتقون إذا علموا. ويحتمل هذا التأويل وجهين: أحدهما: يتقون الاستهزاء والتكذيب. والثاني: يتقون الوعيد والتهديد.
الكلبي