أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم
قوله عز وجل: أفغير الله أبتغي حكما فيه وجهان: أحدهما: معناه هل يجوز لأحد أن يعدل عن حكم الله حتى أعدل عنه. والثاني: هل يجوز لأحد أن يحكم مع الله حتى أحتكم إليه. والفرق بين الحكم والحاكم ، أن الحكم هو الذي يكون أهلا للحكم فلا يحكم إلا بحق ، والحاكم قد يكون من غير أهله فيحكم بغير حق ، فصار الحكم من صفات ذاته ، والحاكم من صفات فعله ، فكان الحكم أبلغ في المدح من الحاكم. [ ص: 160 ] ثم قال: وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا في المفصل أربعة تأويلات: أحدها: تفصيل آياته لتبيان معانيه فلا تشكل. والثاني: تفصيل الصادق من الكاذب. والثالث: تفصيل الحق من الباطل ، والهدى من الضلال ، قاله . والرابع: تفصيل الأمر من النهي ، والمستحب من المحظور ، والحلال من الحرام. وسبب نزول هذه الآية الحسن قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل بيننا وبينك حكما إن شئت من أحبار اليهود وإن شئت من أحبار النصارى ، ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك ، فنزلت عليه هذه الآية. قوله عز وجل: أن مشركي وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا يعني القرآن ، وفي تمامه أربعة أوجه محتملة: أحدها: تمام حججه ودلائله. والثاني: تمام أحكامه وأوامره. والثالث: تمام إنذاره بالوعد والوعيد. والرابع: تمام كلامه واستكمال صوره. وفي قوله: صدقا وعدلا وجهان: أحدهما: صدقا في وعده ووعيده ، وعدلا في أمره ونهيه ، قاله ابن بحر . والثاني: صدقا فيما حكاه ، عدلا فيما قضاه ، وهو معنى قول . وقد مضى تفسير قتادة لا مبدل لكلماته