وأما السورة من سورة القرآن، وتجمع سورا ففيها لغتان:
إحداهما: بهمز.
والأخرى: بغير همز.
فأما السورة بغير همز، فهي المنزلة من منازل الارتفاع، ومن ذلك سمي سور المدينة لارتفاعه على ما يحويه، ومنه قول نابغة بني ذبيان
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
يعني منزلة من منازل الشرف، التي قصرت عنها منازل الملوك، فسميت السورة لارتفاعها وعلو قدرها.
وأما السؤرة بالهمزة، فهي القطعة، التي قد فضلت من القرآن على سواها وأبقيت منه، لأن سؤر كل شيء بقيته بعدما يؤخذ منه ولذلك سمي ما فضل في الإناء بعد الشرب منه سؤرا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا شربتم فأسئروا " يعني [ ص: 28 ]
فأبقوا فضلة في الإناء، ومن ذلك قول أعشى بني ثعلبة يصف امرأة فارقته، فأبقت في قلبه بقية من حبها:
فبانت وقد أسأرت في الفؤا د صدعا على نأيها مستطيرا
والأول من القولين أصح.
وأما ففيها تأويلان: الآية من القرآن،
أحدهما: إنما سميت آية لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها، لأن الآية العلامة، ومنه قول الله تعالى: ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك يعني علامة منك لإجابتك دعاءنا. وقال الشاعر، وهو عبد بني الحسحاس
ألكني إليها - عمرك الله - يا فتى بآية ما جاءت إلينا تهاديا
والتأويل الثاني: أن الآية في كلامهم، القصة والرسالة، كما قال كعب بن زهير:
ألا أبلغا هذا المعرض آية أيقظان قال القول أو قال ذو حلم
فيكون معنى الآية القصة، التي تتلو قصة بفصول ورسول وأصول.
وروى عن أبو حازم، عن أبي سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أبي هريرة،
مرات، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم فردوه إلى عالمه ". نزل القرآن على سبعة أحرف، والمراء في القرآن كفر (ثلاث [ ص: 29 ]
وروى محمد بن عمر، عن عن أبي سلمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبي هريرة ". أنزل القرآن على سبعة أحرف، عليم حكيم غفور رحيم
اختلف المفسرون في على أربعة أقاويل: تأويل السبعة الأحرف، التي نزل القرآن بها
أحدها: معناه على سبعة معان، وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وجدل وقصص ومثل.
روى عن عون، أبي قلابة قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ". أنزل القرآن على سبعة أحرف: أمر، ونهي، وترغيب، وترهيب، وجدل، ومثل، وقصص
والثاني: يعني سبع لغات مختلفة، لا مما يغير حكما في تحليل ولا [ ص: 30 ]
تحريم، مثل: هلم وتعال وأقبل، هي مختلفة ومعانيها مؤتلفة، فكانوا في صدر الإسلام مخيرين فيها ثم اجتمعت الصحابة عند جمع القرآن على أحدها، فصار ما أجمعوا عليه مانعا مما أعرضوا عنه.
والثالث: يريد على سبع لغات من اللغات الفصيحة، لأن بعض قبائل العرب أفصح من بعض لبعدهم من بلاد العجم، فكان من نزل القرآن بلغتهم من فصحاء العرب سبع قبائل.
والرابع: يريد على سبع لغات للعرب في صيغة الألفاظ، وإن وافقه في معناه، كالذي اختلف القراء فيه من القراءات والله أعلم.