وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين
قوله عز وجل: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فيها قولان: أحدهما: أن الثلاثين ليلة شهر أمر بصيامه ، والعشر بعدها أجل لمناجاة ربه. والثاني: أن الأربعين كلها أجل لمناجاة ربه ، أجل في الأول ثلاثين ليلة ثم زيدت عشرا بعدها. وقد قيل إنه ذو القعدة وعشر من ذي الحجة ، حكي ذلك عن ، مجاهد ، وابن جريج ومسروق. فتم ميقات ربه أربعين ليلة يعني أن اجتماع الأجلين تمام أربعين ليلة ، ليدل بذلك على أن العشر هي ليال وليست ساعات. فإن قيل: فمعلوم أن العشر مع الثلاثين مستكملة أربعين ، فما معنى قوله: فتم ميقات ربه أربعين ليلة فعن ذلك ثلاثة أجوبة: أحدها: أنه تأكيد في الذكر فلم يمتنع. والثاني: كان وعده إلى الجبل الذي كلمه فيه. والثالث: لينفي تمام الثلاثين بالعشر أن يكون من جملة الثلاثين لأن تمام الشيء بعض منه. فإن قيل: قيل عن ذلك جوابان: أحدهما: أن قومه تأخروا عنه في الأجل الأول فزاده الله لتأخرهم عنه أجلا ثانيا ليحضروا. والثاني: لأن قومه عبدوا العجل بعده فزاده الله أجلا ثانيا عقوبة لهم. ويحتمل جوابا ثالثا: أن الله فعل ذلك به اختبارا لقومه ليتميز به المؤمن من المنافق ويعرف به المتيقن من المرتاب. [ ص: 257 ] والفرق بين الميقات والوقت وإن كانا من جنس واحد أن الميقات ما قدر لعمل ، والوقت قد لا يتقدر لعمل. فلم زاد في أجل وعده بعد الثلاثين عشرا جعلها أجلا ثانيا فأخر بها موعده؟