واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون
قوله عز وجل: واذكر ربك في نفسك وفي هذا الذكر ثلاثة أوجه: أحدها: أنه ذكر القراءة في الصلاة خلف الإمام سرا في نفسه قاله . والثاني: أنه ذكر بالقلب باستدامة الفكر حتى لا ينسى نعم الله الموجبة لطاعته. [ ص: 291 ] والثالث: ذكره باللسان إما رغبة إليه في دعائه أو تعظيما له بالآية. وفي المخاطب بهذا الذكر قولان: أحدهما: أنه المستمع للقرآن إما في الصلاة أو الخطبة ، قاله قتادة . والثاني: أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ومعناه عام في جميع المكلفين. ثم قال: ابن زيد تضرعا وخيفة أما التضرع فهو التواضع والخشوع ، وأما الخيفة فمعناه مخافة منه. ودون الجهر من القول يعني أسر القول إما بالقلب أو باللسان على ما تقدم من التأويلين. ثم قال تعالى: بالغدو والآصال فيه وجهان: أحدهما: بالبكر والعشيات. والثاني: أن الغدو آخر الفجر صلاة الصبح ، والآصال آخر العشي صلاة العصر ، قاله ، ونحوه عن مجاهد . قتادة ولا تكن من الغافلين يحتمل وجهين: أحدهما: عن الذكر. والثاني: عن طاعته في كل أوامره ونواهيه ، قاله الجمهور . ويسبحونه وله يسجدون وهذا أول سجدات التلاوة في القرآن. وسبب نزولها ما قاله كفار مكة : وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا [الفرقان: 60] . فأنزل الله تعالى هذه الآية وأعلمهم أن الملائكة المقربين إذا كانوا على هذه الحال في الخضوع والرغبة فأنتم بذلك أولى والله أعلم بالصواب.