إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم
قوله عز وجل: فإذا انسلخ الأشهر الحرم الآية. في قولان: أحدهما: أنها رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ثلاثة سرد وواحد فرد ، وهذا رأي الجمهور. والثاني: أنها الأربعة الأشهر التي جعلها الله تعالى أن يسيحوا فيها آمنين وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع وعشر من شهر ربيع الآخر ، قاله الأشهر الحرم . الحسن فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم فيه قولان: أحدهما: في حل أو حرم. والثاني: في الأشهر الحرم وفي غيرها. والقتل وإن كان بلفظ الأمر فهو على وجه التخيير لوروده بعد حظر اعتبارا بالأصلح. وخذوهم فيه وجهان: أحدهما: على التقديم والتأخير ، وتقديره فخذوا المشركين حيث وجدتموهم واقتلوهم. والثاني: أنه على سياقه من غير تقديم ولا تأخير ، وتقديره: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم. واحصروهم على وجه التخيير في اعتبار الأصلح من الأمرين. وفي قوله: واحصروهم وجهان: أحدهما: أنه استرقاقهم. والثاني: أنه الفداء بمال أو شراء. [ ص: 341 ] واقعدوا لهم كل مرصد فيه وجهان: أحدهما: أن يطلبوا في كل مكان فيكون القتل إذا وجدوا ، والطلب إذا بعدوا. والثاني: أن يفعل بهم كل ما أرصده الله تعالى لهم فيما حكم به تعالى عليهم من قتل أو استرقاق أو مفاداة أو من ليعتبر فيها فعل الأصلح منها. ثم قال تعالى: فإن تابوا أي أسلموا ، لأن التوبة من الكفر تكون بالإسلام. وأقاموا الصلاة فيه وجهان: أحدهما: أي اعترفوا بإقامتها ، وهو مقتضى قول لأنه لا يقتل أبي حنيفة ، إذا اعترف بها. تارك الصلاة
الثاني: أنه أراد فعل الصلاة ، وهو مقتضى قول مالك ، لأنهما يقتلان تارك الصلاة وإن اعترف بها. والشافعي وآتوا الزكاة يعني اعترفوا بها على الوجهين معا ، لأن لا يقتل مع الاعتراف بها وتؤخذ من ماله جبرا ، وهذا إجماع.
تارك الزكاة