التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين
قوله عز وجل: التائبون يعني من الذنوب. [ ص: 407 ] ويحتمل أن يراد بهم الراجعون إلى الله تعالى في فعل ما أمر واجتناب ما حظر لأنها صفة مبالغة في المدح ، والتائب هو الراجع ، والراجع إلى الطاعة أفضل من الراجع عن المعصية لجمعه بين الأمرين. العابدون فيه ثلاثة أوجه: أحدها: العابدون بتوحيد الله تعالى ، قاله سعيد بن جبير . [ ص: 408 ] والثاني: العابدون بطول الصلاة ، قاله الحسن . والثالث: العابدون بطاعة الله تعالى ، قاله الضحاك . الحامدون فيه وجهان: أحدهما: الحامدون لله تعالى على دين الإسلام ، قاله الحسن .
الثاني: الحامدون لله تعالى على السراء والضراء ، رواه سهل بن كثير. السائحون فيه أربعة تأويلات: أحدها: المجاهدون روى أبو أمامة أن رجلا استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السياحة فقال: (إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله). والثاني: الصائمون ، وهو قول ابن مسعود وابن عباس ، وروى أبو هريرة مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سياحة أمتي الصوم) .
الثالث: المهاجرون ، قاله عبد الرحمن بن زيد .
الرابع: هم طلبة العلم ، قاله عكرمة . الراكعون الساجدون يعني في الصلاة. الآمرون بالمعروف فيه وجهان: أحدهما: بالتوحيد ، قاله سعيد بن جبير .
الثاني: بالإسلام. والناهون عن المنكر فيه وجهان: أحدهما: عن الشرك ، قاله سعيد بن جبير .
الثاني: أنهم الذين لم ينهوا عنه حتى انتهوا قبل ذلك عنه ، قاله الحسن . والحافظون لحدود الله فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: القائمون بأمر الله تعالى. والثاني: الحافظون لفرائض الله تعالى من حلاله وحرامه ، قاله قتادة . والثالث: الحافظون لشرط الله في الجهاد ، قاله مقاتل بن حيان. وبشر المؤمنين فيه وجهان: أحدهما: يعني المصدقين بما وعد الله تعالى في هذه الآيات. قاله سعيد بن جبير . والثاني: العاملين بما ندب الله إليه في هذه الآيات ، وهذا أشبه بقول الحسن . وسبب نزول هذه الآية ما روى ابن عباس أنه لما نزل قوله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم الآية. أتى رجل من المهاجرين فقال: يا رسول الله وإن زنى وإن سرق وإن شرب الخمر؟ فأنزل الله تعالى : التائبون العابدون الحامدون الآية.


