فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم
قوله عز وجل: فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك هذا خطاب من الله لنبيه يقول: إن كنت يا محمد في شك مما أنزلنا إليك ، وفيه وجهان: أحدهما: في شك أنك رسول.
الثاني: في شك أنك مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل. فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك فيه وجهان: أحدهما: أنه أراد من منهم مثل عبد الله بن سلام ، قاله وكعب الأحبار . ابن زيد
الثاني: أنه عنى أهل الصدق والتقوى منهم ، قاله . فإن قيل: فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم شاكا؟ قيل قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الضحاك (لا أشك ولا أسأل). [ ص: 451 ] وفي معنى الكلام وجهان: أحدهما: أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره من أمته ، كما قال تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء الآية [الطلاق: 1] . والثاني: أنه خطاب ورد على عادة العرب في توليد القبول والتنبيه على أسباب الطاعة. كقول الرجل لابنه: إن كنت ابني فبرني ، ولعبده إن كنت مملوكي فامتثل أمري ، ولا يدل ذلك على شك الولد في أنه ابن أبيه ولا أن العبد شاك في أنه ملك لسيده. فلا تكونن من الممترين أي من الشاكين. قوله عز وجل: إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون يحتمل وجهين: أحدهما: إن الذين وجبت عليهم كلمة ربك بالوعيد والغضب لا يؤمنون أبدا.
الثاني: إن الذين وقعت كلمته عليهم بنزول العذاب بهم لا يؤمنون أبدا.