قوله عز وجل: وأقم الصلاة طرفي النهار أما الطرف الأول فصلاة الصبح باتفاق وأما الطرف الثاني ففيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه عنى صلاة الظهر والعصر ، قاله مجاهد .
الثاني: صلاة العصر وحدها ، قاله الحسن .
الثالث: صلاة المغرب ، قاله ابن عباس . وزلفا من الليل والزلف جمع زلفة ، والزلفة المنزلة ، فكأنه قال ومنازل من [ ص: 509 ] الليل ، أي ساعات من الليل ، وقيل إنما سميت مزدلفة من ذلك لأنها منزل بعد عرفة ، وقيل سميت بذلك لازدلاف آدم من عرفة إلى حواء وهي بها ، ومنه قول العجاج في صفة بعير:
ناج طواه الأين مما وجفا طي الليالي زلفا فزلفا
وفي معنى وزلفا من الليل قولان: أحدهما: صلاة العشاء الآخرة ، قاله ابن عباس ومجاهد .
الثانية: صلاة المغرب والعشاء والآخرة ، قاله الضحاك والحسن ورواه مرفوعا. إن الحسنات يذهبن السيئات في هذه الحسنات أربعة أقاويل: أحدها: الصلوات الخمس ، قاله ابن عباس والحسن وابن مسعود والضحاك .
الثاني: هي قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قاله مجاهد قال عطاء : وهن الباقيات الصالحات.
الثالث: أن الحسنات المقبولة يذهبن السيئات المغفورة.
الرابع: أن الثواب الطاعات يذهبن عقاب المعاصي. ذلك ذكرى للذاكرين فيه وجهان: أحدهما: توبة للتائبين ، قاله الكلبي .
الثاني: بيان للمتعظين ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها)، وسبب نزول هذه الآية ما روى الأسود عن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني عالجت امرأة في بعض أقطار المدينة فأصبت منها دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت. فقال له عمر: لقد سترك الله لو سترت على [ ص: 510 ] نفسك. ولم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا. فنزلت هذه الآية: إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه فقال عمر: يا رسول الله أله خاصة أم للناس كافة؟ فقال: (بل للناس كافة) قال أبو موسى طمحان: إن هذا الرجل أبو اليسر الأنصاري وقال ابن عباس هو عمرو بن غزية الأنصاري ، وقال مقاتل : هو عامر بن قيس الأنصاري.


