قوله عز وجل: ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم أي وجدوا التي كانت بضاعتهم وهو ما دفعوه في ثمن الطعام الذي امتاروه. قالوا يا أبانا ما نبغي فيه وجهان:
[ ص: 58 ] أحدهما: أنه على وجه الاستفهام بمعنى ما نبغي بعد هذا الذي قد عاملنا به ، قاله . قتادة
الثاني: معناه ما نبغي بالكذب فيما أخبرناك به عن الملك ، حكاه ابن عيسى. هذه بضاعتنا ردت إلينا احتمل أن يكون قولهم ذلك له تعريفا واحتمل أن يكون ترغيبا ، وهو أظهر الاحتمالين. ونمير أهلنا أي نأتيهم بالميرة ، وهي الطعام المقتات ، ومنه قول الشاعر :
بعثتك مائرا فمكثت حولا متى يأتي غياثك من تغيث.
ونمير أهلنا هذا ترغيب محض ليعقوب. ونحفظ أخانا وهذا استنزال. ونزداد كيل بعير وهو ترغيب وفيه وجهان: أحدهما: كيل البعير نحمل عليه أخانا. والثاني: كيل بعير هو نصيب أخينا ؛ لأن يوسف قسط الطعام بين الناس فلا يعطى الواحد أكثر من حمل بعير. ذلك كيل يسير فيه وجهان: أحدهما: أن الذي جئناك به كيل يسير لا ينفعنا. والثاني: أن ما نريده يسير على من يكيل لنا ، قاله الحسن. فيكون على الوجه الأول استعطافا ، وعلى الثاني تسهيلا. وفي هذا القول منهم وفاء ليوسف فيما بذلوه من مراودة في اجتذاب أخيهم لأنهم قد راودوه من سائر جهات المراودة ترغيبا واستنزالا واستعطافا وتسهيلا. قوله تعالى: قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله في هذا الموثق ثلاثة أوجه: أحدها: أنه إشهادهم الله على أنفسهم.
الثاني: أنه حلفهم بالله ، قاله السدي.
[ ص: 59 ] الثالث: أنه كفيل يتكفل بهم لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فيه وجهان: أحدهما: يعني إلا أن يهلك جميعكم ، قاله . مجاهد
الثاني: إلا أن تغلبوا على أمركم ، قاله . قتادة