قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون
قوله عز وجل: قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل يعنون يوسف. وفي هذا القول منهم وجهان: أحدهما: أنه عقوبة ليوسف أجراها الله تعالى على ألسنتهم ، قاله والثاني: ليتبرءوا بذلك من فعله لأنه ليس من أمهم وأنه إن سرق فقد جذبه عرق أخيه السارق ؛ لأن في الاشتراك في الأنساب تشاكلا في الأخلاق. وفي السرقة التي نسبوا عكرمة. يوسف إليها خمسة أقاويل: أحدها: أنه سرق صنما كان لجده إلى أمه من فضة وذهب ، وكسره وألقاه في الطريق فعيروه بذلك ، قاله سعيد بن جبير وقتادة.
[ ص: 65 ] الثاني: كان مع إخوته على طعام فنظر إلى عرق فخبأه ، فعيروه بذلك ، قاله عطية العوفي.
الثالث: أنه كان يسرق من طعام المائدة للمساكين ، حكاه ابن عيسى.
الرابع: أن عمته وكانت أكبر ولد إسحاق وإليها صارت منطقة إسحاق لأنها كانت في الكبير من ولده ، وكانت تكفل يوسف ، فلما أراد يعقوب أخذه منها جعلت المنطقة ، واتهمته فأخذتها منه ، فصارت في حكمهم أحق به ، فكان ذلك منها لشدة ميلها وحبها له ، قاله . مجاهد
الخامس: أنهم كذبوا عليه فيما نسبوه إليه ، قاله الحسن. فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم فيه وجهان: أحدهما: أنه أسر في نفسه قولهم إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل قاله ابن شجرة وعلي بن عيسى.
الثاني: أسر في نفسه أنتم شر مكانا الآية ، قاله ابن عباس وفي قوله: وابن إسحاق. قال أنتم شر مكانا وجهان: أحدهما: أنتم شر منزلة عند الله ممن نسبتموه إلى هذه السرقة.
الثاني: أنتم شر صنعا لما أقدمتم عليه من ظلم أخيكم وعقوق أبيكم. وفي قوله تعالى: والله أعلم بما تصفون تأويلان: أحدهما: بما تقولون ، قاله . مجاهد
الثاني: بما تكذبون ، قاله . وحكى بعض المفسرين أنهم لما دخلوا عليه دعا بالصواع فنقره ثم أدناه من أذنه ثم قال: إن صواعي هذا ليخبرني أنكم كنتم اثني عشر رجلا وأنكم انطلقتم بأخ لكم فبعتموه ، فلما سمعها قتادة بنيامين قام وسجد ليوسف وقال أيها الملك سل صواعك هذا عن أخي أحي هو أم هالك؟ فنقره ، ثم قال: هو حي وسوف تراه. قال: فاصنع بي ما شئت ، فإنه إن علم بي سينقذني. قال: فدخل يوسف فبكى ثم توضأ وخرج ، فقال بنيامين: انقر صواعك ليخبرك بالذي سرقه فجعله في رحلي، فنقره ، فقال:
[ ص: 66 ] صواعي هذا غضبان وهو يقول: كيف تسألني عن صاحبي وقد رأيت مع من كنت.