[ ص: 132 ] قوله عز وجل: ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة في الكلمة الطيبة قولان: أحدهما: أنها الإيمان ، قاله مجاهد وابن جريج.
الثاني: أنه عنى بها المؤمن نفسه ، قاله عطية العوفي وفي الشجرة الطيبة قولان: أحدهما: أنها النخلة ، وروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم والربيع بن أنس. عبد الله بن عمر وأنس بن مالك.
الثاني: أنها شجرة في الجنة ، قاله . وحكى ابن عباس عن ابن أبي طلحة أن ابن عباس الإيمان ، والشجرة الطيبة: المؤمن. الكلمة الطيبة: أصلها ثابت يعني في الأرض. وفرعها في السماء أي نحو السماء. تؤتي أكلها يعني ثمرها. كل حين بإذن ربها والحين عند أهل اللغة: الوقت. قال النابغة :
تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حينا وحينا تراجع
وفي الحين ها هنا ستة تأويلات: أحدها: يعني كل سنة ، قاله ؛ لأنها تحمل كل سنة. مجاهد
الثاني: كل ثمانية أشهر ، قاله رضي الله عنه ؛ لأنها مدة الحمل ظاهرا وباطنا. علي بن أبي طالب
الثالث: كل ستة أشهر ، قاله الحسن ؛ لأنها مدة الحمل ظاهرا. وعكرمة
الرابع: كل أربعة أشهر ، قاله ؛ لأنها مدة يرونها من طلعها إلى جذاذها. سعيد بن المسيب
[ ص: 133 ] الخامس: كل شهرين ؛ لأنها مدة صلاحها إلى جفافها.
السادس: كل غدوة وعشية ؛ لأنه وقت اجتنائها ، قاله . وفي قوله تعالى ابن عباس في الحياة الدنيا وفي الآخرة وجهان: أحدهما: أن المراد بالحياة الدنيا زمان حياته فيها ، وبالآخرة المساءلة في القبر ، قاله طاوس وقتادة.
الثاني: أن المراد بالحياة الدنيا المساءلة في القبر أن يأتيه منكر ونكير فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول -إن اهتدى: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم. ويضل الله الظالمين فيه وجهان: أحدهما: عن حجتهم في قبورهم ، كما ضلوا في الحياة الدنيا بكفرهم.
الثاني: يمهلهم حتى يزدادوا ضلالا في الدنيا. ويفعل الله ما يشاء فيه وجهان: أحدهما: من إمهال وانتقام.
الثاني: من ضغطة القبر ومساءلة منكر ونكير. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن إسحاق سعد بن معاذ ، ولقد ضم ضمة) (لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا منه . وقال ذكر لنا أن عذاب القبر من ثلاثة: ثلث من البول. وثلث من الغيبة ، وثلث من النميمة. قتادة:
[ ص: 134 ] وسبب نزول هذه الآية ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصف مساءلة منكر ونكير وما يكون من جواب الميت قال يا رسول الله أيكون معي عقلي؟ قال: (نعم) قال. كفيت إذن ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. عمر: قوله عز وجل: ومثل كلمة خبيثة فيها قولان: أحدهما: أنها الكفر.
الثاني: أنها الكافر نفسه. كشجرة خبيثة فيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها شجرة الحنظل ، قاله أنس بن مالك.
الثاني: أنها شجرة لم تخلف ، قاله . ابن عباس
الثالث: أنها الكشوت. اجتثت من فوق الأرض أي اقتلعت من أصلها ، ومنه قول لقيط:
[ ص: 135 ]
هو الجلاء الذي يجتث أصلكم فمن رأى مثل ذا يوما ومن سمعا
ما لها من قرار فيه وجهان: أحدهما: ما لها من أصل.
الثاني: ما لها من ثبات. وتشبيه الكلمة الخبيثة بهذه الشجرة التي ليس لها أصل يبقى ولا ثمر يجتنى أن الكافر ليس له عمل في الأرض يبقى ولا ذكر في السماء يرقى.