وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي [ ص: 199 ] من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون
قوله عز وجل: وأوحى ربك إلى النحل فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الوحي إليها هو إلهاما ، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: يعني أنه سخرها ، حكاه ابن قتيبة.
الثالث: أنه جعل ذلك في غرائزها بما يخفى مثله على غيرها ، قاله الحسن. أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون فذكر بيوتها لما ألهمها وأودعه في غرائزها من صحة القسمة وحسن المنعة. ومما يعرشون فيه تأويلان: أحدهما: أنه الكرم ، قاله ابن زيد.
الثاني: ما يبنون ، قاله أبو جعفر الطبري. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك أي طرق ربك. ذللا فيه أربعة أوجه: أحدها: مذللة ، قاله أبو جعفر الطبري.
الثاني: مطيعة ، قاله . قتادة
الثالث: أي لا يتوعر عليها مكان تسلكه ، قاله . مجاهد
الرابع: أن الذلل من صفات النحل وأنها تنقاد وتذهب حيث شاء صاحبها لأنها تتبع أصحابها حيث ذهبوا ، قاله ابن زيد. يخرج من بطونها شراب يعني العسل. مختلف ألوانه لاختلاف أغذيتها. فيه شفاء للناس فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن ذلك عائد إلى القرآن، وأن في القرآن شفاء للناس أي بيانا للناس، قاله . مجاهد
[ ص: 200 ] الثاني: أن ذلك عائد إلى الاعتبار بها أن فيه هدى للناس ، قاله . الضحاك
الثالث: أن ذلك عائد إلى العسل ، وأن في العسل شفاء للناس ، قاله ابن مسعود روى وقتادة. قال: قتادة جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر أن أخاه اشتكى بطنه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهب فاسق أخاك عسلا) ثم جاء فقال: ما زاده إلا شدة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهب فاسق أخاك عسلا) . ثم جاء فقال له: ما زاده إلا شدة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهب فاسق أخاك عسلا ، صدق الله وكذب بطن أخيك) ، فسقاه فكأنه نشط من عقال.