فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم   إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون   إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون   
قوله عز وجل: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم  فيه ثلاثة أوجه: أحدها: فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله تعالى، قاله  الزجاج.  
 [ ص: 213 ] الثاني: فإذا كنت قارئا فاستعذ بالله. 
الثالث: أنه من المؤخر الذي معناه مقدم ، وتقديره: فإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم فاقرأ القرآن. والاستعاذة هي استدفاع الأذى بالأعلى من وجه الخضوع والتذلل ، والمعنى : فاستعذ بالله من وسوسة الشيطان عند قراءتك لتسلم في التلاوة من الزلل ، وفي التأويل من الخطأ. وقد ذكرنا في صدر الكتاب معنى الرجيم. قوله عز وجل: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون  فيه أربعة تأويلات: أحدها: ليس له قدرة على أن يحملهم على ذنب لا يغفر ، قاله  سفيان.  
الثاني: ليس له حجة على ما يدعوهم إليه من المعاصي ، قاله  مجاهد   . 
الثالث: ليس له عليهم سلطان لاستعاذتهم بالله منه ، لقوله تعالى: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم   [فصلت: 36] . 
الرابع: أنه ليس له عليهم سلطان بحال ؛ لأن الله تعالى صرف سلطانه عنهم حين قال عدو الله إبليس: ولأغوينهم أجمعين  إلا عبادك منهم المخلصين   [الحجر: 39 - 40] فقال الله تعالى إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين   [الحجر: 42] وفي معنى السلطان وجهان: أحدهما: الحجة ، ومنه سمي الوالي سلطانا لأنه حجة الله تعالى في الأرض. 
الثاني: أنها القدرة ، مأخوذ من السلطة ، وكذلك سمي السلطان سلطانا لقدرته. إنما سلطانه على الذين يتولونه  يعني يتبعونه. والذين هم به مشركون  فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: والذين هم بالله مشركون ، قاله  مجاهد   . 
الثاني: والذين أشركوا الشيطان في أعمالهم ، قاله  الربيع بن أنس.  
الثالث: والذين هم لأجل الشيطان وطاعته مشركون ، قاله  ابن قتيبة.  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					