قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني [ ص: 326 ] إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا
قوله عز وجل: قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا في الرشد هنا ثلاثة أوجه: أحدها: أنه العلم ، قاله ويكون تقديره على أن تعلمني مما علمت علما. مقاتل
الثاني: معناه على أن تعلمني مما علمت لإرشاد الله لك.
الثالث: ما يرى في علم الخضر رشدا يفعله وغيا يجتنبه ، فسأله موسى أن يعلمه من الرشد الذي يفعله ، ولم يسأله أن يعلمه الغي الذي يجتنبه لأنه عرف الغي الذي يجتنبه ولم يعرف ذلك الرشد. قال إنك لن تستطيع معي صبرا يحتمل وجهين: أحدهما: صبرا عن السؤال.
الثاني: صبرا عن الإنكار. وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فيه وجهان: أحدهما: لم تجد له سببا.
الثاني: لم تعرف له علما ؛ لأن الخضر علم أن موسى لا يصبر إذا رأى ما ينكر ظاهره. قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا فوعد بالصبر والطاعة ثم استثنى بمشيئة الله تعالى حذرا مما يلي فأطاع ولم يصبر. وفي قوله: ولا أعصي لك أمرا وجهان: أحدهما: لا أبتدئ بالإنكار حتى تبدأ بالإخبار.
الثاني: لا أفشي لك سرا ولا أدل عليك بشرا. فعلى الوجه الأول يكون مخالفا ، وعلى الوجه الثاني يكون موافقا.