قوله عز جل: أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن السماوات والأرض كانتا ملتصقتين ففتق الله بينهما بالهواء ، قاله ابن عباس .
الثاني: أن السماوات كانت مرتتقة مطبقة ففتقها الله سبع سماوات وكانت الأرض كذلك ففتقها سبع أرضين ، قاله مجاهد .
الثالث: أن السماوات كانت رتقا لا تمطر ، والأرض كانت رتقا لا تنبت ، ففتق السماء بالمطر ، والأرض بالنبات ، قاله عكرمة ، وعطية ، وابن زيد. والرتق سد ، والفتق شق ، وهما ضدان ، قال عبد الرحمن بن حسان
يهون عليهم إذا يغضبو ن سخط العداة وإرغامها ورتق الفتوق وفتق الرتو
ق ونقض الأمور وإبرامها
وجعلنا من الماء كل شيء حي فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن خلق كل شيء من الماء ، قاله قتادة .
الثاني: حفظ حياة كل شيء حي بالماء ، قاله قتادة .
الثالث: وجعلنا من ماء الصلب كل شيء حي ، قاله قطرب. أفلا يؤمنون يعني أفلا يصدقون بما يشاهدون. قوله تعالى: وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم والرواسي الجبال ، وفي تسميتها بذلك وجهان:
[ ص: 445 ] أحدهما: لأنها رست في الأرض وثبتت ، قال الشاعر:
رسا أصله تحت الثرى وسما به إلى النجم فرع لا يزال طويل
الثاني: لأن الأرض بها رست وثبتت. وفي الرواسي من الجبال قولان: أحدهما: أنها الثوابت: قاله قطرب.
الثاني: أنها الثقال قاله الكلبي. أن تميد بهم فيه وجهان: أحدهما: لئلا تزول بهم.
الثاني: لئلا تضطرب بهم.
الميد الاضطراب. وجعلنا فيها فجاجا سبلا في الفجاج وجهان: أحدهما: أنها الأعلام التي يهتدى بها.
الثاني: الفجاج جمع فج وهو الطريق الواسع بين جبلين. قال الكميت :
تضيق بنا النجاح وهن فج ونجهل ماءها السلم الدفينا
لعلهم يهتدون فيه وجهان: أحدهما: سبل الاعتبار ليهتدوا بالاعتبار بها إلى دينهم.
الثاني: مسالك ليهتدوا بها إلى طرق بلادهم. قوله تعالى: وجعلنا السماء سقفا محفوظا فيه ثلاثة أوجه: أحدها: محفوظا من أن تسقط على الأرض.
الثاني: محفوظا من الشياطين ، قاله الفراء.
الثالث: بمعنى مرفوعا ، قاله مجاهد . ويحتمل رابعا: محفوظا من الشرك والمعاصي. قوله عز وجل: وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون فيه قولان: أحدهما: أن الفلك السماء، قاله السدي.
[ ص: 446 ] الثاني: أن القطب المستدير الدائر بما فيه من الشمس والقمر والنجوم ، ومنه سميت فلكة المغزل لاستدارتها ، قال الشاعر
باتت تقاسي الفلك الدوار حتى الصباح تعمل الأقتار
وفي استدارة الفلك قولان: أحدهما: أنه كدوران الأكرة.
الثاني: كدوران الرحى قاله الحسن ، وابن جريج. واختلف في الفلك على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه السماء تدور بالشمس والقمر والنجوم.
الثاني: أنه استدارة في السماء تدور فيها النجوم مع ثبوت السماء ، قاله قتادة .
الثالث: أنها استدارة بين السماء والأرض تدور فيها النجوم ، قاله زيد بن أسلم. يسبحون وجهان: أحدهما: يجرون ، قاله مجاهد .
الثاني: يدورون قاله ابن عباس ، فعلى الوجه الأول يكون الفلك مديرها ، وعلى الثاني تكون هي الدائرة في الفلك.


