أولم يروا أنا نأتي الأرض : أرض الكفر، ننقصها من أطرافها : بما نفتح على المسلمين من بلادهم، فننقص دار الحرب ونزيد في دار الإسلام، وذلك من آيات النصرة والغلبة ، ونحوه: أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها [الأنبياء: 44]، أفهم الغالبون [الأنبياء: 44]، سنريهم آياتنا في الآفاق [فصلت: 53]، والمعنى: عليك بالبلاغ الذي حملته ; ولا تهتم بما وراء ذلك، فنحن نكفيكه ونتم ما وعدناك من الظفر، ولا يضجرك تأخره; فإن ذلك لما نعلم من المصالح التي لا تعلمها ثم طيب نفسه ونفس عنها بما ذكر من طلوع تباشير الظفر، وقرئ "ننقصها" بالتشديد، لا معقب لحكمه : لا راد لحكمه، والمعقب: الذي يكر على الشيء فيبطله، وحقيقته: الذي يعقبه، أي: يقفيه بالرد والإبطال، ومنه قيل لصاحب الحق: معقب ; لأنه يقفي غريمه بالاقتضاء والطلب، قال لبيد [من الطويل]:
................................. ... طلب المعقب حقه المظلوم
[ ص: 358 ] والمعنى: أنه حكم للإسلام بالغلبة والإقبال، وعلى الكفر بالإدبار والانتكاس، وهو سريع الحساب : فعما قليل يحاسبهم في الآخرة بعد عذاب الدنيا.
فإن قلت: ما محل قوله: "لا معقب لحكمه" ؟
قلت: هو جملة محلها النصب على الحال، كأنه قيل: والله يحكم نافذا حكمه، كما تقول: جاءني زيد لا عمامة على رأسه ولا قلنسوة، تريد حاسرا.