أهل قرية : هي إنطاكية، وقيل: الأبلة، وهي أبعد أرض الله من السماء، أن يضيفوهما ، وقرئ : "يضيفوهما"، يقال: ضافه إذا كان له ضيفا، وحقيقته: مال إليه، من ضاف السهم عن الغرض، ونظيره: زاره من الازورار، وأضافه وضيفه: أنزله وجعله ضيفه، وعن النبي -صلى الله عليه وسلم-: وقيل: شر القرى التي لا [ ص: 603 ] يضاف الضيف فيها ولا يعرف لابن السبيل حقه، "كانوا أهل قرية لئاما"، يريد أن ينقض : استعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة، كما استعير الهم والعزم لذلك، قال الراعي [من الكامل]:
في مهمه قلقت به هاماتها ... فلق الفئوس إذا أردن نصولا
وقال [من الوافر]:
يريد الرمح صدر أبي براء ... ويعدل عن دمار بني عقيل
وقال [من الخفيف]: حسان
إن دهرا يلف شملي بجمل ... لزمان يهم بالإحسان
وسمعت من يقول: عزم السراج أن يطفأ، وطلب أن يطفأ، وإذا كان القول والنطق، والشكاية، والصدق، والكذب، والسكوت، والتمرد، والإباء، والعزة، والطواعية، وغير ذلك مستعارة للجماد ولما لا يعقل، فما بال الإرادة ؟ قال [من الرجز]:
إذا قالت الأنساع للبطن الحق
[ ص: 604 ] [ومن الرجز]:
تقول سني للنواة طني
[ومن البسيط]:
......................... ... لا ينطق اللهو حتى ينطق العود
[ومن الكامل]:
....................... ... وشكا إلي بعبرة وتحمحم
[ومن الطويل]:
فإن يك ظني صادقا وهو صادقي ... ......................
(ولما سكت عن موسى الغضب) [من الطويل]:
............................. ... تمرد مارد وعز الأبلق
ولبعضهم [ومن الكامل]:
[ ص: 605 ]
يأبى على أجفانه إغفاءه ... هم إذا انقاد الهموم تمردا
[ومن الكامل]:
أبت الروادف والثدي لقمصها ... مس البطون وأن تمس ظهورا
"قالتا أتينا طائعين": ولقد بلغني أن بعض المحرفين لكلام الله تعالى ممن لا يعلم، كان يجعل الضمير للخضر; لأن ما كان فيه من آفة الجهل وسقم الفهم، أراه أعلى الكلام طبقة أدناه منزلة، فتمحل ليرده إلى ما هو عنده أصح وأفصح، وعنده أن ما كان أبعد من المجاز كان أدخل في الإعجاز، وانقض: إذا أسرع سقوطه، من انقضاض الطائر وهو يفعل، مطاوع قضضته، وقيل: افعل من النقض، كاحمر من الحمرة، وقرئ : "أن ينقض" من النقض، "وأن ينقاص"; من انقاصت السن إذا انشقت طولا، قال [من البسيط]: ذو الرمة
[ ص: 606 ]
.......................... ... ..........منقاص ومنكثب
بالصاد غير معجمة، "فأقامه": قيل: أقامه بيده، وقيل: مسحه بيده فقام واستوى، وقيل: أقامه بعمود عمده به، وقيل: نقضه وبناه، وقيل: كان طول الجدار في السماء مائة ذراع، كانت الحال حال اضطرار وافتقار إلى المطعم، ولقد لزتهما الحاجة إلى آخر كسب المرء وهو المسألة، فلم يجد مواسيا، فلما أقام الجدار لم يتمالك موسى لما رأى من الحرمان ومساس الحاجة أن: قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا ، وطلبت على عملك جعلا حتى ننتعش ونستدفع به الضرورة، وقرئ : "لتخذت" والتاء في "تخذ": أصل كما في تبع، واتخذ افتعل منه، كاتبع من تبع، وليس من الأخذ في شيء.