بني إسرائيل : خطاب لهم بعد إنجائهم من البحر ، وإهلاك آل فرعون ، وقيل : هو للذين كانوا منهم في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الله عليهم بما فعل بآبائهم والوجه هو الأول ، أي : قلنا : يا بني إسرائيل ، وحذف القول كثير في القرآن ، وقرئ : "أنجيتكم" [ ص: 100 ] إلى "رزقتكم " ، وعلى لفظ الوعد والمواعدة ، وقرئ : "الأيمان " : بالجر على الجوار ؛ نحو : "جحر ضب خرب " ، ذكرهم النعمة في نجاتهم وهلاك عدوهم ، وفيما واعد موسى -صلوات الله عليه- من المناجاة بجانب الطور ، وكتب التوراة في الألواح ؛ وإنما عدى المواعدة إليهم لأنها لابستهم واتصلت بهم ؛ حيث كانت لنبيهم ونقبائهم ، وإليهم رجعت منافعها التي قام بها دينهم وشرعهم ، وفيما أفاض عليهم من سائر نعمه وأرزاقه ، طغيانهم في النعمة : أن يتعدوا حدود الله فيها بأن يكفروها ويشغلهم اللهو والتنعم عن القيام بشكرها ، وأن ينفقوها في المعاصي ، وأن يزووا حقوق الفقراء فيها ، وأن يسرفوا في إنفاقها ، وأن يبطروا فيها ويأشروا ويتكبروا ، قرئ : "فيحل" وعن عبد الله : "لا يحلن " ، ومن يحلل : المكسور في معنى : الوجوب ، من حل الدين يحل : إذا وجب أداؤه ، ومنه قوله تعالى : حتى يبلغ الهدي محله [البقرة : 196 ] ، والمضموم في معنى النزول ، وغضب الله عقوباته ؛ ولذلك وصف بالنزول ، "هوى " : هلك ، وأصله : أن يسقط من جبل فيهلك .
قالت : [من مجزوء الوافر ]
هوى من رأس مرقبة ففتت تحتها كبده
[ ص: 101 ] ويقولون : هوت أمه ، أو سقط سقوطا لا نهوض بعده .