ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين   ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين   
قرئ : "الريح " ، و "الرياح " ، بالرفع والنصب فيهما ، فالرفع : على الابتداء ، والنصب على العطف على الجبال . 
فإن قلت : وصفت هذه الرياح بالعصف تارة وبالرخاوة أخرى ، فما التوفيق بينهما ؟ 
قلت : كانت في نفسها رخية طيبة كالنسيم ، فإذا مرت بكرسيه أبعدت به في مدة يسيرة ؛ على ما قال : غدوها شهر ورواحها شهر   [سبأ : 12 ] ، فكان جمعها بين الأمرين أن تكون رخاء في نفسها وعاصفة في عملها ، مع طاعتها لسليمان  وهبوبها على حسب ما يريد ويحتكم : آية إلى آية ، ومعجزة إلى معجزة ، وقيل : كانت في وقت رخاء ، وفي وقت  [ ص: 160 ] عاصفا ؛ لهبوبها على حكم إرادته ، وقد أحاط علمنا بكل شيء فنجري الأشياء كلها على ما يقتضيه علمنا وحكمتنا . 
أي : يغوصون له في البحار فيستخرجون الجواهر ، ويتجاوزون ذلك إلى الأعمال ، والمهن ، وبناء المدائن ، والقصور ، واختراع الصنائع العجيبة ؛ كما قال : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل   [سبأ : 13 ] ، والله حافظهم أن يزيغوا عن أمره ، أو يبدلوا أو يغيروا ، أو يوجد منهم فساد في الجملة فيما هم مسخرون فيه . 
				
						
						
