[ ص: 174 ] يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد
يوم ترونها : منصوب بتذهل ، والضمير للزلزلة ، وقرئ : تذهل كل مرضعة ، على البناء للمفعول : وتذهل كل مرضعة ، أي : تذهلها الزلزلة ، والذهول : الذهاب عن الأمر مع دهشة .
فإن قلت : لم قيل : "مرضعة" دون مرضع ؟
قلت : المرضعة التي هي في حال الأرضاع ملقمة ثديها الصبي ، والمرضع : التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الأرضاع في حال وصفها به ، فقيل : مرضعة ؛ ليدل على [ ص: 175 ] أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها ، نزعته عن فيه ، لما يلحقها من الدهشة ، عما أرضعت : عن إرضاعها ، أو عن الذي أرضعته وهو الطفل ، وعن : تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام ، وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام ، قرئ : "وترى " : بالضم من أريتك قائما ، أو رؤيتك قائما ، و " الناس " : منصوب ومرفوع ، والنصب ظاهر ، ومن رفع جعل الناس اسم ترى ، وأنثه على تأويل الجماعة ، وقرئ : "سكرى " ، و "بسكرى " ، وهو نظير : جوعى وعطشى ، في جوعان وعطشان ، وسكارى وبسكارى ؛ نحو : كسالى وعجالى ، وعن الحسن : "سكرى " ، و "بسكرى" بالضم ، وهو غريب ، والمعنى : وتراهم سكارى على التشبيه ، وما هم بسكارى على التحقيق ؛ ولكن ما رهقهم من خوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم ، وطير تمييزهم ، وردهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه ، وقيل : وتراهم سكارى من الخوف ، وما هم بسكارى من الشراب . الأعمش
فإن قلت : لم قيل أولا : ترون ، ثم قيل : ترى ، على الإفراد ؟
قلت : لأن الرؤية أولا علقت بالزلزلة ، فجعل الناس جميعا رائين لها ، وهي معلقة أخيرا بكون الناس على حال السكر ، فلا بد أن يجعل كل واحد منهم رائيا لسائرهم .