ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا
يريد : ولقد صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وفي سائر الكتب والصحف التي أنزلت على الرسل عليهم السلام -وهو ذكر إنشاء السحاب وإنزال القطر- ليفكروا ويعتبروا ، ويعرفوا حق النعمة فيه ويشكروا "فأبى" أكثرهم إلا كفران النعمة وجحودها وقلة الاكتراث لها . وقيل : صرفنا المطر بينهم في البلدان المختلفة والأوقات المتغايرة ، وعلى الصفات المتفاوتة من وابل وطل ، وجود ورذاذ ، وديمة ورهام : فأبوا إلا الكفور وأن يقولوا : مطرنا بنوء كذا ، ولا يذكروا صنع الله ورحمته . وعن -رضي الله عنهما - : ما من عام أقل مطرا من عام ، ولكن الله قسم ذلك بين عباده على ما شاء ، وتلا [ ص: 362 ] هذه الآية ، وروي أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره في كل عام ، لأنه لا يختلف ولكن تختلف فيه البلاد . وينتزع من ها هنا جواب في تنكير البلدة والأنعام والأناسي ، كأنه قال : لنحيي به بعض البلاد الميتة ، ونسقيه بعض الأنعام والأناسي ، وذلك البعض كثير . فإن قلت : هل يكفر من ينسب الأمطار إلى الأنواء ؟ قلت : إن كان لا يراها إلا من الأنواء ويجحد أن تكون هي والأنواء من خلق الله : فهو كافر . وإن كان يرى أن الله خالقها وقد نصب الأنواء دلائل وأمارات عليها : لم يكفر . ابن عباس