وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون
أي : وما يجدد لهم الله بوحيه موعظة وتذكيرا ، إلا جددوا إعراضا عنه وكفرا به . فإن قلت : كيف خولف بين الألفاظ والغرض واحد ، وهي الإعراض والتكذيب والاستهزاء ؟ قلت : إنما خولف بينها لاختلاف الأغراض ، كأنه قيل : حين أعرضوا عن الذكر فقد كذبوا به ، وحين كذبوا به فقد خف عندهم قدره وصار عرضة للاستهزاء والسخرية ؛ لأن من كان قابلا للحق مقبلا عليه ، كان مصدقا به لا محالة ولم يظن به التكذيب . ومن كان مصدقا به ، كان موقرا له "فسيأتيهم" وعيد لهم وإنذار بأنهم سيعلمون إذا مسهم عذاب الله يوم بدر أو يوم القيامة " ما" الشيء الذي كانوا يستهزئون به وهو القرآن ، وسيأتيهم أنباؤه وأحواله التي كانت خافية عليهم .