ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون
فإن قلت : علام عطف قوله : ونريد أن نمن وعطفه على "نتلو" و "يستضعف" غير سديد ؟ قلت : هي جملة معطوفة على قوله : إن فرعون علا في الأرض لأنها نظيرة "تلك" في وقوعها تفسيرا لنبأ موسى وفرعون ، واقتصاصا له . "ونريد " : حكاية حال ماضية . ويجوز أن يكون حالا من يستضعف ، أي يستضعفهم فرعون ، ونحن نريد أن نمن عليهم . فإن قلت : كيف يجتمع استضعافهم وإرادة الله المنة عليهم ؟ وإذا أراد الله شيئا كان ولم يتوقف إلى وقت آخر ، قلت : لما كانت منة الله بخلاصهم من فرعون قريبة الوقوع ، جعلت إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم "أئمة" مقدمين في الدين والدنيا ، يطأ الناس أعقابهم . وعن -رضي الله عنهما - : قادة يقتدى بهم في الخير . وعن ابن عباس -رضي الله عنه - : دعاة إلى الخير ، وعن مجاهد -رضي الله عنه - : ولاة ، كقوله تعالى : قتادة وجعلكم ملوكا . "الوارثين" يرثون فرعون وقومه ملكهم وكل ما كان لهم . مكن له : إذا جعل له مكانا يقعد عليه أو يرقد ، فوطأه ومهده ونظيره : أرض له . ومعنى التمكين لهم [ ص: 483 ] في الأرض وهي أرض مصر والشام : أن يجعلها بحيث لا تنبو بهم ولا تغث عليهم ؛ كما كانت في أيام الجبابرة ، وينفذ أمرهم ، ويطلق أيديهم ويسلطهم . وقرئ : "ويري فرعون وهامان وجنودهما " ، أي : يرون " منهم ما " حذروه : من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود منهم .