فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون
[ ص: 512 ] فلما جاءهم الحق وهو الرسول المصدق بالكتاب المعجز مع سائر المعجزات وقطعت معاذيرهم وسد طريق احتجاجهم قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى من الكتاب المنزل جملة واحدة ، ومن قلب العصا حية وفلق البحر وغيرهما من الآيات ؛ فجاءوا بالاقتراحات المبنية على التعنت والعناد ، كما قالوا : لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك ، وما أشبه ذلك أولم يكفروا يعني أبناء جنسهم ومن مذهبهم مذهبهم وعنادهم عنادهم ، وهم الكفرة في زمن موسى عليه السلام بما أوتي موسى وعن رحمه الله : قد كان العرب أصلا في أيام الحسن موسى عليه السلام ، فمعناه على هذا : أولم يكفر آباؤهم "قالوا" في موسى وهارون سحران تظاهرا أي تعاونا . وقرئ : "إظهارا" على الإدغام . وسحران بمعنى : ذوا سحر . أو جعلوهما سحرين مبالغة في وصفهما بالسحر . أو أرادوا نوعين من السحر "بكل" بكل واحد منهما . فإن قلت : بم علقت قوله من قبل في هذا التفسير ؟ قلت : بأولم يكفروا ، ولي أن أعلقه بأوتي ، فينقلب المعنى إلى أن أهل مكة الذين قالوا هذه المقالة كما كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن فقد كفروا بموسى عليه السلام وبالتوراة . وقالوا في موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام : ساحران تظاهرا . أو في الكتابين : سحران تظاهرا ؛ وذلك حين بعثوا الرهط إلى رؤساء اليهود بالمدينة يسألونهم عن محمد صلى الله عليه وسلم ، فأخبروهم أنه نعته وصفته ، وأنه في كتابهم ، فرجع الرهط إلى قريش فأخبروهم بقول اليهود ، فقالوا عند ذلك : ساحران تظاهرا .