فإن قلت : ما الفرق بين فعل الاستجابة في الآية ؛ وبينه في قوله [من الطويل ] :
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
[ ص: 513 ] حيث عدي بغير اللام ؟ قلت : هذا الفعل يتعدى إلى الدعاء بنفسه وإلى الداعي باللام ، ويحذف الدعاء إذا عدي إلى الداعي في الغالب ، فيقال ؛ استجاب الله دعاءه أو استجابة له ، ولا يكاد يقال : استجاب له دعاءه . وأما البيت فمعناه : فلم يستجب دعاءه ، على حذف المضاف . فإن قلت : فالاستجابة تقتضي دعاء ولا دعاء ها هنا . قلت : قوله : فأتوا بكتاب أمر بالإتيان والأمر بعث على الفعل ودعاء إليه ، فكأنه قال : فإن لم يستجيبوا دعاءك إلى الإتيان بالكتاب الأهدى ، فاعلم أنهم قد ألزموا ولم تبق لهم حجة إلا اتباع الهوى ، ثم قال : ومن أضل ممن لا يتبع في دينه إلا هواه بغير هدى من الله أي مطبوعا على قلبه ممنوع الألطاف إن الله لا يهدي أي لا يلطف بالقوم الثابتين على الظلم الذين اللطف بهم عبث . وقوله بغير هدى في موضع الحال ، يعني : مخذولا مخلى بينه وبين هواه .