هذا تخويف لأهل مكة من سوء عاقبة قوم كانوا في مثل حالهم من إنعام الله عليهم بالرقود في ظلال الأمن وخفض العيش ، فغمطوا النعمة وقابلوها بالأشر والبطر ، فدمرهم الله وخرب ديارهم . وانتصبت "معيشتها" إما بحذف الجار وإيصال الفعل ، كقوله تعالى : واختار موسى قومه [الأعراف :155 ] وإما على الظرف بنفسها ، كقولك : زيد ظني مقيم . أو بتقدير حذف الزمان المضاف ، أصله : بطرت أيام معيشتها ، كخفوق النجم . ومقدم الحاج . وإما بتضمين "بطرت" معنى : كفرت وغمطت . وقيل : البطر سوء احتمال الغنى : وهو أن لا يحفظ حق الله فيه إلا قليلا من السكنى . قال -رضي الله عنهما - : لم يسكنها إلا المسافر ومار الطريق يوما أو ساعة ويحتمل أن شؤم معاصي المهلكين بقي أثره في ديارهم ، فكل من سكنها من أعقابهم لم يبق فيها إلا قليلا ابن عباس وكنا نحن الوارثين لتلك المساكن من ساكنيها ، أي : تركناها على حال لا يسكنها أحد ، أو خربناها وسويناها بالأرض [من الكامل ] :
تتخلف الآثار عن أصحابها . . . حينا ويدركها الفناء فتتبع