[ ص: 563 ] سورة الروم
مكية ، إلا 17 فمدنية وآياتها ستون [نزلت بعد الانشقاق ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم
القراءة المشهورة الكثيرة "غلبت" بضم الغين . وسيغلبون بفتح الياء . والأرض : أرض العرب ، لأن الأرض المعهودة عند العرب أرضهم . والمعنى : غلبوا في أدنى أرض العرب منهم وهي أطراف الشام . أو أراد أرضهم ، على إنابة اللام مناب المضاف إليه ، أي : في أدنى أرضهم إلى عدوهم ، قال : هي أرض الجزيرة ، وهي أدنى مجاهد أرض الروم إلى فارس . وعن -رضي الله عنهما - : ابن عباس الأردن وفلسطين . وقرئ : في أداني الأرض . والبضع ما بين الثلاث إلى العشر عن . وقيل : الأصمعي احتربت الروم وفارس بين أذرعات وبصرى ، فغلبت فارس الروم ، فبلغ الخبر مكة فشق على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ؛ لأن فارس مجوس لا كتاب لهم والروم أهل الكتاب ، وفرح [ ص: 564 ] المشركون وشمتوا وقالوا : أنتم والنصارى أهل الكتاب ، ونحن وفارس أميون ، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم ، ولنظهرن نحن عليكم . فنزلت . فقال لهم -رضي الله عنه - : لا يقرر الله أعينكم ، فوالله لتظهرن أبو بكر الروم على فارس بعد بضع سنين فقال له أبي بن خلف . كذبت يا أبا فصيل ، اجعل بيننا أجلا أناحبك عليه ، والمناحبة : المراهنة فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما ، وجعلا الأجل ثلاث سنين ، فأخبر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : البضع ما بين الثلاث إلى التسع ، فزايده في الخطر وماده في الأجل . فجعلاها مائة قلوص إلى تسع سنين . ومات أبو بكر من جرح رسول الله ، وظهرت أبي الروم على فارس يوم الحديبية ، وذلك عند رأس سبع سنين . وقيل : كان النصر يوم بدر للفريقين ، فأخذ الخطر من ذرية أبو بكر ، وجاء به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : تصدق به أبي ، وهذه الآية من الآيات البينة الشاهدة على صحة النبوة ، وأن القرآن من عند الله لأنها إنباء عن علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله . وقرئ : "غلبهم " ، بسكون اللام . والغلب والغلب . مصدران كالجلب والجلب . والحلب والحلب . وقرئ : "غلبت الروم" بالفتح . وسيغلبون ، بالضم . ومعناه أن الروم غلبوا على ريف الشام وسيغلبهم المسلمون في بضع سنين . وعند انقضاء هذه المدة أخذ المسلمون في جهاد الروم ، وإضافة غلبهم تختلف باختلاف القراءتين ، فهي في إحداهما إضافة المصدر إلى المفعول . وفي الثانية إضافته إلى الفاعل . ومثالهما محرم عليكم إخراجهم ، فلن يخلف [ ص: 565 ] الله وعده . فإن قلت : كيف صحت المناحبة وإنما هي قمار ؟ قلت : عن رحمه الله تعالى أنه كان ذلك قبل تحريم القمار . ومن مذهب قتادة أبي حنيفة ومحمد : أن . وقد احتجا على صحة ذلك بما عقده العقود الفاسدة من عقود الربا وغيرها جائزة في دار الحرب بين المسلمين والكفار بينه وبين أبو بكر أبي بن خلف من قبل ومن بعد أي في أول الوقتين وفي آخرهما حين غلبوا وحين يغلبون ، كأنه قيل : من قبل كونهم غالبين ، وهو وقت كونهم مغلوبين . ومن بعد كونهم مغلوبين ، وهو وقت كونهم غالبين ، يعني أن كونهم مغلوبين أولا وغالبين آخرا ليس إلا بأمر الله وقضائه وتلك الأيام نداولها بين الناس [آل عمران : 140 ] وقرئ : "من قبل ومن بعد " ، على الجر من غير تقدير مضاف إليه واقتطاعه ، كأنه قيل : قبلا وبعدا ، بمعنى أولا وآخرا "ويومئذ" ويوم تغلب الروم على فارس ويحل ما وعده الله عز وجل من غلبتهم يفرح المؤمنون بنصر الله وتغليبه من له كتاب على من لا كتاب له . وغيظ من شمت بهم من كفار مكة . وقيل : نصر الله : هو إظهار صدق المؤمنين فيما أخبروا به المشركين من غلبة الروم وقيل نصر الله . أنه ولي بعض الظالمين بعضا وفرق بين كلمهم ، حتى تفانوا وتناقصوا ، وفل هؤلاء شوكة هؤلاء وفي ذلك قوة للإسلام . وعن : وافق ذلك يوم بدر ، وفي هذا اليوم نصر المؤمنين أبي سعيد الخدري وهو العزيز الرحيم ينصر عليكم تارة وينصركم أخرى .