وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون
هذه الآية في معنى قوله تعالى : يمحق الله الربا ويربي الصدقات [البقرة : 278 ] سواء بسواء ، يريد : وما أعطيتم أكلة الربا من ربا ليربو في أموالهم : ليزيد ويزكو في أموالهم ، [ ص: 581 ] فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه وما آتيتم من زكاة أي صدقة تبتغون به وجهه خالصا ، لا تطلبون به مكافأة ولا رياء وسمعة فأولئك هم المضعفون ذوو الإضعاف من الحسنات . ونظير المضعف : المقوي والموسر ، لذي القوة واليسار : وقرئ بفتح العين . وقيل : نزلت في ثقيف ، وكانوا يربون . وقيل : المراد أن يهب الرجل للرجل أو يهدي له ، ليعوضه أكثر مما وهب أو أهدى ، فليست تلك الزيادة بحرام ، ولكن المعوض لا يثاب على تلك الزيادة . وقالوا : الربا ربوان ؛ فالحرام : كل قرض يؤخذ فيه أكثر منه : أو يجر منفعة . والذي ليس بحرام : أن يستدعي بهبته أو بهديته أكثر منها . وفي الحديث "المستغزر يثاب من هبته " . وقرئ : "وما أتيتم من ربا" بمعنى : وما غشيتموه أو رهقتموه من إعطاء ربا . وقرئ : "لتربوا " ، أي : لتزيدوا في أموالهم ، كقوله تعالى : ويربي الصدقات [البقرة :276 ] أي يزيدها . وقوله تعالى : فأولئك هم المضعفون التفات حسن ، كأنه قال لملائكته وخواص خلقه : فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم : هم المضعفون . فهو أمدح لهم من أن يقول : فأنتم المضعفون . والمعنى : المضعفون به ، لأنه لا بد من ضمير يرجع إلى ما ، ووجه آخر : وهو أن يكون تقديره : فمؤتوه أولئك هم المضعفون . والحذف لما في الكلام من الدليل عليه ، وهذا أسهل مأخذا ، والأول أملأ بالفائدة .