ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون
"الرياح" هي الجنوب والشمال والصبا ، وهي رياح الرحمة . وأما الدبور . فريح العذاب ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم . وقد عدد [ ص: 584 ] الأغراض في إرسالها ، وأنه أرسلها للبشارة بالغيث ولإذاقة الرحمة ، وهي نزول المطر وحصول الخصب الذي يتبعه ، والروح الذي مع هبوب الريح وزكاء الأرض . قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : :"اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا " "إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض " . وإزالة العفونة من الهواء ، وتذرية الحبوب ، وغير ذلك ولتجري الفلك في البحر عند هبوبها . وإنما زاده "بأمره" لأن الريح قد تهب ولا تكون مؤاتية ، فلا بد من إرساء السفن والاحتيال لحبسها ، وربما عصفت فأغرقتها ولتبتغوا من فضله يريد تجارة البحر ؛ ولتشكروا نعمة الله فيها . فإن قلت : بم يتعلق وليذيقكم ؟ قلت : فيه وجهان : أن يكون معطوفا على مبشرات على المعنى ، كأنه قيل : ليبشركم وليذيقكم . وأن يتعلق بمحذوف تقديره : وليذيقكم ، وليكون كذا وكذا : أرسلناها .