إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين
وعد الله حقا مصدران مؤكدان، الأول: مؤكد لنفسه والثاني: مؤكد لغيره; لأن قوله: لهم جنات النعيم في معنى: وعدهم الله جنات النعيم، فأكد معنى الوعد بالوعد. وأما "حقا" فدال على معنى الثبات، أكد به معنى الوعد، ومؤكدهما جميعا قوله: لهم جنات النعيم وهو العزيز الذي لا يغلبه شيء ولا يعجزه، يقدر على الشيء وضده، فيعطى النعيم من شاء والبؤس من شاء، وهو "الحكيم" لا يشاء إلا ما توجبه الحكمة والعدل "ترونها" الضمير فيه للسماوات، وهو استشهاد برؤيتهم لها، غير معمودة على قوله: بغير عمد كما تقول لصاحبك: أنا بلا سيف ولا رمح تراني، فإن قلت: ما محلها من الإعراب؟ قلت: لا محل لها لأنها مستأنفة. أو هي في محل الحر صفة للعمد أي: بغير عمد مرئية، يعني: أنه عمدها بعمد لا ترى، وهي إمساكها بقدرته "هذا" إشارة إلى ما ذكر من مخلوقاته. والخلق بمعنى المخلوق. و الذين من دونه آلهتهم، بكتهم بأن [ ص: 10 ] هذه الأشياء العظيمة مما خلقه الله وأنشأه. فأروني ماذا خلقته آلهتكم حتى استوجبوا عندكم العبادة، ثم أضرب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالتورط في ضلال ليس بعده ضلال.