يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون
"الأمر " المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبرا من السماء إلى الأرض ثم لا يعمل به ولا يصعد إليه ذلك المأمور به خالصا كما يريده ويرتضيه إلا في مدة متطاولة ; لقلة عمال الله والخلص من عباده وقلة الأعمال الصاعدة ; لأنه لا يوصف بالصعود إلا الخالص ودل عليه قوله على أثره قليلا ما تشكرون [السجدة : 9 ] أو يدبر أمر الدنيا كلها من السماء إلى الأرض : لكل يوم من أيام الله وهو ألف سنة . كما قال : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ، ثم يعرج إليه أي : يصير إليه ، ويثبت عنده . [ ص: 29 ] ويكتب في صحف ملائكته كل وقت من أوقات هذه المدة : ما يرتفع من ذلك الأمر ويدخل تحت الوجود إلى أن تبلغ المدة آخرها ، ثم يدبر أيضا ليوم آخر ، وهلم جرا إلى أن تقوم الساعة . وقيل : ينزل الوحي مع جبريل عليه السلام من السماء إلى الأرض ، ثم يرجع إليه ما كان من قبول الوحي أو رده مع جبريل وذلك في وقت هو في الحقيقة ألف سنة ; لأن المسافة مسيرة ألف سنة في الهبوط والصعود ; لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وهو يوم من أيامكم لسرعة جبريل ; لأنه يقطع مسيرة ألف سنة في يوم واحد . وقيل : يدبر أمر الدنيا من السماء إلى الأرض إلى أن تقوم الساعة ، ثم يعرج إليه ذلك الأمر كله ; أي يصير إليه ليحكم فيه في يوم كان مقداره ألف سنة وهو يوم القيامة . وقرأ : (يعرج ) على البناء للمفعول . وقرئ : (يعدون ) بالتاء والياء . ابن أبي عبلة