"وقالوا " قيل القائل أبي بن خلف ، ولرضاهم بقوله أسند إليهم جميعا . وقرئ : (أئنا ) و (أنا ) ، على الاستفهام وتركه "ضللنا " صرنا ترابا ، وذهبنا مختلطين بتراب الأرض ، لا نتميز منه ، كما يضل الماء في اللبن أو غبنا في الأرض بالدفن فيها ، من قوله [من الطويل ] :
وآب مضلوه بعين جلية
وقرأ علي -رضي الله عنهما - : (ضللنا ) ، بكسر اللام . يقال : ضل يضل وضل يضل . وقرأ وابن عباس -رضي الله عنه - : صللنا ، من صل اللحم وأصل : إذا أنتن . وقيل : صرنا من جنس الصلة وهي الأرض . فإن قلت : بم انتصب الظرف في الحسن أإذا ضللنا ؟ قلت : بما يدل عليه أإنا لفي خلق جديد وهو نبعث . أو يجدد خلقنا . لقاء ربهم : هو الوصول إلى العاقبة ، من تلقي ملك الموت وما وراءه ، فلما ذكر كفرهم بالإنشاء ، أضرب عنه إلى ما هو أبلغ في الكفر ، وهو أنهم كافرون بجميع ما يكون في العاقبة ، لا بالإنشاء وحده . ألا ترى كيف خوطبوا بتوفى ملك الموت وبالرجوع إلى ربهم بعد ذلك مبعوثين للحساب والجزاء ، وهذا معنى لقاء الله على ما ذكرنا والتوفى : استيفاء النفس وهي الروح . قال الله تعالى : الله يتوفى الأنفس [الزمر : 42 ] وقال : أخرجوا أنفسكم ، وهو أن يقبض كلها لا يترك منها شيء . من قولك : توفيت حقي من فلان ، واستوفيته إذا أخذته وافيا كاملا من غير نقصان . والتفعل والاستفعال : يلتقيان في مواضع : منها : تقصيته واستقصيته ، وتعجلته واستعجلته . وعن -رضي الله عنه - : حويت لملك الموت الأرض ، وجعلت له مثل الطست ، يتناول منها حيث يشاء . وعن مجاهد : يتوفاهم ومعه أعوان من الملائكة . وقيل : ملك الموت : يدعو الأرواح فتجيبه ، ثم يأمر أعوانه بقبضها . قتادة