ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون
هذا الكلام خطاب للملائكة وتقريع للكفار ، وارد على المثل السائر [من الرجز ] :
إياك أعني واسمعي يا جاره
[ ص: 128 ] ونحوه قوله تعالى : أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله [المائدة : 116 ] وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزهين برآء مما وجه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير ، والغرض أن يقول ويقولوا ، ويسأل ويجيبوا ، فيكون تقريعهم أشد ، وتعبيرهم أبلغ ، وخجلهم أعظم : وهو أنه ألزم ، ويكون اقتصاص ذلك لطفا لمن سمعه ، وزاجرا لمن اقتص عليه . والموالاة : خلاف المعاداة . ومنها : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وهي مفاعلة من الولي وهو القرب ، كما أن المعاداة من العدواء ، وهي البعد ، والولي : يقع على الموالي والموالى جميعا . والمعنى أنت الذي نواليه من دونهم ، إذ لا موالاة بيننا وبينهم ، فبينوا بإثبات موالاة الله ومعاداة الكفار : براءتهم من الرضا بعبادتهم لهم ; لأن من كان على هذه الصفة كانت حاله منافية لذلك بل كانوا يعبدون الجن يريدون الشياطين ، حيث أطاعوهم في عبادة غير الله . وقيل : صورت لهم الشياطين صور قوم من الجن وقالوا : هذه صور الملائكة فاعبدوها . وقيل : كانوا يدخلون في أجواف الأصنام إذا عبدت ، فيعبدون بعبادتها . وقرئ : (نحشرهم ) و (نقول ) بالنون والياء .