إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين   فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له  [ ص: 281 ] ساجدين   فسجد الملائكة كلهم أجمعون   إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين   
فإن قلت: كيف صح أن يقول لهم: إني خالق بشرا  وما عرفوا ما البشر ولا عهدوا به قبل؟ قلت: وجهه أن يكون قد قال لهم: إني خالق خلقا من صفته كيت وكيت، ولكنه حين حكاه اقتصر على الاسم، فإذا سويته  فإذا أتممت خلقه وعدلته. ونفخت فيه من روحي  وأحييته وجعلته حساسا متنفسا "فقعوا" فخروا، كل: للإحاطة. وأجمعون: للاجتماع، فأفادا معا أنهم سجدوا عن آخرهم ما بقي منهم ملك إلا سجدوا، وأنهم سجدوا جميعا في وقت واحد غير متفرقين في أوقات. فإن قلت: كيف ساغ السجود لغير الله؟ قلت: الذي لا يسوغ هو السجود لغير الله على وجه العبادة، فأما على وجه التكرمة والتبجيل فلا يأباه العقل، إلا أن يعلم الله فيه مفسدة فينهى عنه، فإن قلت: كيف استثنى إبليس من الملائكة وهو من الجن؟ قلت: قد أمر بالسجود معهم فغلبوا عليه في قوله: فسجد الملائكة  ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا، وكان من الكافرين  أريد: وجود كفره ذلك الوقت وإن لم يكن قبله كافرا; لأن "كان" مطلق في جنس الأوقات الماضية، فهو صالح لأيها شئت، ويجوز أن يراد: وكان من الكافرين في الأزمنة الماضية في علم الله. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					