والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون
والذي جاء بالصدق وصدق به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاء بالصدق وآمن به، وأراد به إياه ومن تبعه، كما أراد بموسى إياه وقومه في قوله: ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون [المؤمنون: 49] فلذلك قال: أولئك هم المتقون إلا أن هذا في الصفة وذاك في الاسم. ويجوز أن يريد: والفوج أو الفريق الذي جاء بالصدق وصدق به، وهم الرسول الذي جاءنا بالصدق، وصحابته الذي صدقوا به. وفى قراءة : (والذين [ ص: 306 ] جاءوا بالصدق وصدقوا به) وقرئ: (وصدق به) بالتخفيف، أي: صدق به الناس ولم يكذبهم به، يعني: أداه إليهم كما نزل عليه من غير تحريف. وقيل: صار صادقا به، أي: بسببه; لأن القرآن معجزة، والمعجزة تصديق من الحكيم الذي لا يفعل القبيح لمن يجريها على يده، ولا يجوز أن يصدق إلا الصادق، فيصير لذلك صادقا بالمعجزة، وقرئ: (وصدق به)، فإن قلت: ما معنى إضافة الأسوأ والأحسن إلى الذي عملوا؟ وما معنى التفضيل فيهما؟ قلت: أما الإضافة فما هي من إضافة أفعل إلى الجملة التي يفضل عليها، ولكن من إضافة الشيء إلى ما هو بعضه من غير تفضيل، كقولك: الأشج أعدل بني مروان . وأما التفضيل فإيذان بأن السيء الذي يفرط منهم من الصغائر والزلات المكفرة، هو عندهم الأسوأ لاستعظامهم المعصية، والحسن الذي يعلمونه هو عند الله الأحسن; لحسن إخلاصهم فيه، فلذلك ذكر سيئهم بالأسوأ وحسنهم بالأحسن. وقرئ: (أسوأ) الذي عملوا جمع سوء. ابن مسعود