قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم
أسرفوا على أنفسهم جنوا عليها بالإسراف في المعاصي والغلو فيها "لا تقنطوا" قرئ: بفتح النون وكسرها وضمها. إن الله يغفر الذنوب جميعا يعني بشرط التوبة، وقد تكرر ذكر هذا الشرط في القرآن، فكان ذكره فيما ذكر فيه ذكرا له فيما لم يذكر فيه; لأن القرآن في حكم كلام واحد، ولا يجوز فيه التناقض. وفى قراءة ابن عباس : [ ص: 313 ] (يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء). والمراد بمن يشاء: من تاب; لأن مشيئة الله تابعة لحكمته وعدله، لا لملكه وجبروته. وقيل: في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وابن مسعود رضي الله عنها: (يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي) ونظير نفى المبالاة نفى الخوف في قوله تعالى: وفاطمة ولا يخاف عقباها [الشمس: 15] وقيل: قال أهل مكة: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له، فكيف ولم نهاجر، وقد عبدنا الأوثان، وقتلنا النفس التي حرم الله؟ فنزلت. وروي أنه أسلم عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر معهما، ثم فتنوا وعذبوا، فافتتنوا، فكنا نقول: لا يقبل الله لهم صرفا ولا عدلا أبدا، فنزلت. فكتب بها رضي الله عنه إليهم، فأسلموا وهاجروا، وقيل: نزلت في عمر وحشي قاتل رضي الله عنه. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حمزة "ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية" فقال رجل: يا رسول الله، ومن أشرك؟ فسكت ساعة ثم قال: "ألا ومن أشرك" ثلاث مرات.