يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد
ظاهرين في الأرض في أرض مصر عالين فيها على بني إسرائيل، يعني: أن لكم ملك مصر، وقد علوتم الناس، وقهرتموهم، فلا تفسدوا أمركم على أنفسكم، ولا تتعرضوا لبأس الله وعذابه، فإنه لا قبل لكم به إن جاءكم، ولا يمنعكم منه أحد. وقال: "ينصرنا" و "جاءنا"; لأنه منهم في القرابة، وليعلمهم بأن الذي ينصحهم به هو مساهم لهم فيه. ما أريكم إلا ما أرى أي: ما أشير عليكم برأي إلا بما أرى من قتله، يعني: لا أستصوب إلا قتله، وهذا الذي تقولونه غير صواب. وما أهديكم بهذا الرأي إلا سبيل الرشاد يريد: سبيل الصواب والصلاح. أو ما أعلمكم إلا ما أعلم من الصواب، ولا أدخر منه شيئا، ولا أسر عنكم خلاف ما أظهر، يعني: أن لسانه وقلبه متواطئان على ما يقول، وقد كذب; فقد كان مستشعرا للخوف الشديد من جهة موسى، [ ص: 345 ] ولكنه كان يتجلد، ولولا استشعاره لم يستشر أحدا ولم يقف الأمر على الإشارة. وقرئ: (الرشاد) فعال من رشد بالكسر، كعلام، أو من رشد بالفتح كعباد، وقيل: هو من أرشد كجبار من أجبر، وليس بذلك; لأن فعالا من أفعل لم يجيء إلا في عدة أحرف، نحو: دراك وسار وقصار وحبار، ولا يصح القياس على القليل. ويجوز أن يكون نسبة إلى الرشد، كعواج وبتات، غير منظور فيه إلى فعل.